أول العمود:... انتظرت طويلاً موسم زراعة الزهور.
***عشنا على مدى شهور فائتة حالة تنم عن عقلية تريد تجهيل الناس والرأي العام عبر التقليل من أهمية كشف الحقائق والمعلومات لتكون في متناول الجميع، مما يساعدهم على تكوين قناعتهم، ومما يؤسف له أن يقوم بذلك مسؤولون في الدولة والبرلمان وجمعيات أهلية يفترض أنها أقيمت بغرض التنوير والتنمية، وحول هذه الظاهرة التي تنم عن تراجع الاهتمام بالعلم وشغف البحث عن الحقائق، نضرب الأمثلة التالية: أولاً: وفي شأن تعليم الموسيقى، أفتى رئيس جمعية أهلية أنها محرمة ورفض عضو في البرلمان فرض المقرر على الطلبة من المنطلق نفسه، فيما غاب بشكل محزن رأي عمداء المعاهد الفنية والموسيقية وجمعيات الفنون على اختلاف مشاربها للإدلاء برأي حول شيء بديهي ملاصق للإنسان والحيوان منذ بدء الخليقة، وهو الأصوات والنغمات التي تخلق ما نسميه موسيقى، وبالمناسبة تنتشر اليوم موضة الإنشاد الديني مع المعازف، كما قرأنا أخيراً عن شريط أغنيات لخبير علم البرمجة العصبية للأستاذ المستنير صلاح الراشد، وهي موضة لها جمهور عريض.المثال الثاني: عن المقترضين وديونهم، فالمعروف أن الدول الريعية التي تضمن رواتب موظفيها شهرياً تخلق وضعاً لا يمكن الحديث معه عن تخلف في السداد للبنوك، وقد عشنا سنوات نكذب على بعضنا بوجود معسرين حتى تبين أن غير القادرين على سداد القروض لا تتجاوز نسبتهم 3.3%، وهم محالون إلى القضاء أصلاً، كما بيَّن ذلك النائب عبدالرحمن العنجري.أما المثال الثالث: فيتعلق بموضوع التطعيم ضد مرض إنفلونزا الخنازير، حيث تصمت وزارة الصحة أمام أحاديث يتداولها الناس من أنه غير ضروي ودليلهم أن مئات المصابين تماثلوا للشفاء قبل وصول مصل التطعيم... فأين هي الحقيقة؟ ولماذا لا تخرج الوزارة عن صمتها وتقول ما لديها رداً على ما يتداوله الناس حول التطعيم وضرورته؟المثال الرابع: قرار وزارة التربية والتعليم تعطيل الدراسة بسبب مرض إنفلونزا الخنازير الذي جاء انصياعاً لصرخة نفر من النواب في عطلة الصيف لتخيف متخذ القرار التربوي وينصاع للتهديد، فيما نشهد اليوم عودة الجميع إلى مقاعد الدراسة، ونتساءل: هل كان قرار التعطيل منطقياً؟ وهل ساهم في إخافة الفيروس الذي يعيش بيننا؟المثال الرابع: يخص التأثير البيئي على الثروة السمكية بعد سكب آلاف الغالونات من مياه المجاري ومعه حليب البقر الذي لم يجد من يشتريه وأصبح شريكاً في مجارير الصرف الصحي وجنباً إلى جنب مع مياه الصرف التي ألقيت في البحر، ليدفع الكثير من الناس إلى الامتناع عن تناول الأسماك دون وجود طمأنة أو تحذير من دوائر البيئة الرسمية أو الأهلية... فأين هي المعلومة؟أما المثال الخامس: فهو ما يتصل بإجراءات منح الجنسية، وهو موضوع يفرض على الدول اليوم أن يكون هناك قانون واضح وشفاف، لكن يفاجئنا في دولة الدستور والقانون- دولة الكويت- أن تقوم الجهات الأمنية بمنح الجنسية لأناس، وتقوم لاحقاً بسحبها دون تقديم مبرر للمنح أو للسحب، وبذلك نكون أمام مشكلتين بدلاً من واحدة! ويتسبب ذلك في تقديم استجوابات إلى رئيس مجلس الوزراء في سابقة تاريخية.المثال الأخير- في هذا المقال وليس في حياتنا: مكابرة البعض في مسألة مدنية الدولة، حيث تصر بعض التيارات على الخلط بين دين الأغلبية العظمي من الناس، وهو الإسلام، ومبدأ مدنية الدولة الذي يتيح الدستور لها الأخذ من التشريعات البشرية جنباً إلى جنب مع التشريعات الإسلامية وبشروط، وقد عشنا هذه الحالة عقوداً من الزمن بدأت في ثمانينيات القرن الماضي حتى صدور حكم المحكمة الدستورية بشأن الحجاب لينتصر مبدأ مدنية الدولة.هذه أمثلة حاضرة لم يجف حبرها، وهي تدل على الاستهتار بقيمة المعلومة وأهميتها بيننا، والأنكى من ذلك أن مَن يقوم بهذا التغييب والتجهيل... هم مسؤولون في الدولة! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
نتيجة الفوضى والتطاول
12-11-2009