ماذا سيحدث لو قرر مجلس الأمن إغلاق ملف التعويضات؟ وهل يملك مجلس الأمن ذلك؟ الإجابة هي نعم.

Ad

فمجلس الأمن هو هيئة سياسية لا قضائية تحكمه المصالح المباشرة لأعضائه ولا تحكم قراراته الحقوق المطلقة، لكن المشكلة التي ستواجه العراق في حالة إغلاق ملف التعويضات دون سدادها هي في احتمال شبه مؤكد من لجوء الأفراد أو الدول الى التحكيم المحلي أو الدولي، وفي حالة الحصول على أحكام مؤيدة لتلك المطالبات فإنه سيتم استيفاؤها من أموال العراق المجمدة في العديد من الدول، مما يجعل الفصل السابع أرحم من الخروج منه بالنسبة للعراق. مجرد احتمال.

وكان ملحوظاً أنّ هناك تحولاً في المزاج الدولي لمصلحة العراق منذ 13 عاماً تقريباً ومنذ موافقة العراق على برنامج النفط مقابل الغذاء. وقد برز ذلك في نتيجة التصويت السنوي على تقرير المقرر الخاص بحقوق الإنسان في العراق، إذ ظلت أغلبية الدول تصوت بالامتناع عن تأييد التقرير، بل زاد تدريجياً عدد الدول التي تصوت رافضة لتوصياته، كما برز ذلك في تخفيض نسبة الاستقطاعات لصندوق التعويضات من 30 في المئة الى 25 في المئة ثم 5 في المئة، وربما تصل لاحقا الى 2.5 في المئة أو حتى 1 في المئة. وقد زاد هذا التحول في المزاج الدولي مع سقوط النظام العراقي السابق في 2003.

وجود العراق تحت طائلة الفصل السابع جاء نتيجة لغزوه للكويت وبموجب عدة قرارات أممية، أهمها هو القرار 687 الذي يسمى "أبو القرارات". وبموجبه فإن على العراق جملة من استحقاقات عدة للكويت وغيرها من الدول كالتعويضات، وإعادة الممتلكات المسروقة، والحدود (صيانة العلامات الحدودية البرية والبحرية وإخلاء المزارع)، والأسرى والمفقودين الكويتيين. أما موضوع الديون فلا علاقة له بالأمم المتحدة فهو شأن ثنائي بين الدولتين. ويصح القول إن العراق لم يف بالتزاماته كاملة بهذا الخصوص، ولامناص من التزامه حتى يتسنى له الخروج من وصاية الفصل السابع.

من المفيد بالطبع إبقاء المسألة كلها في الإطار الدولي، ولكن ذلك ليس حلاً كافياً، ولاسيما في ظل الأجواء السائدة لعدد من الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة، إذ تعهدت في اتفاقيتها الخاصة بتنظيم وجود قواتها المسلحة في العراق، بإخراج العراق من الفصل السابع. ومن المعلوم أن المندوب الأميركي الدائم لدى الامم المتحدة زلماي خليلزاد قد طرح "أفكار" حول كيفية التعامل مع ملف "الحالة الكويتية- العراقية" كما يطلق عليها في مجلس الأمن. وهكذا جاء مصطلح "مساعدة العراق على الخروج من الفصل السابع" ليصبح واقع الحال.

هناك عدد من الملفات يفترض أن يتحرك بها العراق ويعجل في إنهائها، منها مثلا ملف الأسرى والمفقودين عن طريق اللجنة الثلاثية، والتي شهدت تباطؤا وتراجعا منذ 2005 إذ لم تتسلم الكويت إلا 21 رفاتا لشهدائها خلال السنوات الأربع الأخيرة، وأما مسألة الديون وهي خارج إطار الأمم المتحدة فهناك العديد من الأفكار المطروحة للتعامل معها، علماً بأن الكويت لم تطالب بسدادها حتى الآن، ومن المهم النظر إلى تلك الخطوة بمنظور حسن النوايا، ريثما تتم معالجة المسائل العالقة.

نأمل أن يأتي اليوم الذي تغلق فيه جميع الملفات، ولكن تبقى المسألة أبعد من تلك القضايا، وهي مسألة الثقة المفقودة، ولعل التعاون في إخراج العراق من الفصل السابع وتفاعله بجدية مع كل المتطلبات تمثل فرصة لإعادة بناء الثقة. فالهدف الاستراتيجي بالنسبة للكويت هو العيش بأمان مع جار آمن مستقر. فعسى أن تكون تلك بداية حقيقية.

• يوم أمس كان موعداً لثلاثة أحداث هامة إيجابية ذات بعد إنساني، الأول هو الإفراج عن أحمد مشاري الشمري "البدون" الذي ظل مسجوناً مدة خمس سنوات دون محاكمة، ويحسب الأمر لتجاوب وزير الداخلية ولمساعي من كتب وبذل الجهد، ومنهم د. سامي ناصر خليفة وعلي البغلي، أما الثاني فهو براءة مجموعة حزب التحرير الإسلامي من التهم المنسوبة إليهم استناداً إلى أن ما قاموا به لا يخرج عن كونه حرية رأي، أما الثالث فهو التحرك الشعبي في ساحة الإرادة للضغط في سبيل إيضاح مصير المواطن المفقود في إيران حسين الفضالة. أحداث ثلاثة يجمع بينها البعد الإنساني في يوم واحد، وعسى أن ننتهي من جميع المسائل الإنسانية العالقة قريباً وعلى رأسها قضية البدون؟