أول العمود: حتى "السلالم" دخلت القاموس السياسي الكويتي... فهل سنشهد استخدام "غوغل إيرث" للاستثمار في أملاك الدولة؟!

Ad

***

أتوق إلى أن يأخذ مجلس الوزراء الموقر- بصفته الجهة التي تدير دولة الكويت وشؤونها اليومية- خطوة إجراء استقصاء للرأي حول مدى الشعور بالأمان لكل من يعيش على أرض الكويت مقابل ما تقدمه الحكومة من خدمات، وصرف، وتأمين لحقوق الناس، وأقول الأمان وليس الأمن لأن الأخير جزء من الأول كمفهوم أعم، وأهدف من وراء ذلك إلى أخذ المعلومة من المواطن والمقيم مباشرة.

 المقيمون مثلا لا يذهبون ولا يملكون في الوقت نفسه دواوين حتى يسمع لهم فيها رأي، وشريحة المراهقين والنساء قلما يصل رأيهم إلى وسائل الإعلام التي أصبحت تراعي الإعلان كبديل عن الطرح الجاد، بل إن كثيرا من الكويتيين الذكور ممن يطلق عليهم اسم الأغلبية الصامتة، لديهم رأي فيما يحدث في الكويت، لكنهم بعيدون عن دوائر الضوء الإعلامي.

هناك هواجس لدى من يعيشون في الكويت تجاه قضايا مصيرية، فيفكر بعضنا إذا ما ذهب إلى مستشفى حكومي هل سيعالج بشكل جيد، وآخرون ممن يرتبطون عائليا بـ"البدون" نجدهم قلقين لتأخر الحلول القانونية لأكثر من 50 عاما، ويسأل الكويتي والمقيم معا: لماذا تتأخر قضاياهم في المحاكم لمدد طويلة حتى يجف عرقهم؟ ولماذا التذبذب في القرارات، فتارة يفتح التعليم العالي 500 مقعد للدراسة في الخارج وفي العام الذي يليه يقدم 2000 مقعد من دون مبرر؟ ولماذا يضطر وزير التجارة في كل رمضان أن يهدد بعقاب المتلاعبين بالأسعار؟ ولماذا لم نحاول كدولة صغيرة أن نطور منظومة دفاع لا تعتمد فقط على شراء الأسلحة بالمليارات؟ وكيف يحدث أن يتقلد أحدنا منصبا رفيعا لأنه حصل على شهادة علمية مزورة؟

 هذه بعض الهواجس التي لا أظن أنها تخلو من ذهن أي إنسان يعيش في الكويت اليوم، وهي– وغيرها- تصب في فكرة الأمان الشخصي للأفراد.

مسألة الأمان العام للأفراد غاية في الحساسية والدقة، وتتطلب رعاية ومتابعة من قبل الدولة والمؤسسات الأهلية لأنها عبارة عن مزاج متحول ومتغير تبعا لطبيعة تفاعل السياسات مع الإنسان البسيط في حياته اليومية، في وظيفته ومأكله ونظرته للعدالة ومدى تغلغل المتنفذين في قرارات تصيبه لاحقا، ومدى شعوره بالأمن وهو يقود سيارته في الشارع، وبالتالي لابد من الحديث هنا عن ملاحقة مستمرة لمعرفة هذا المزاج لأنه المعني بتكوين طاقم السلطة التشريعية بأكمله، والذي تضطر الحكومة للتعامل المباشر معه في قاعة عبدالله السالم.

 ألا يستحق، والأمر كذلك، أن تتعرف أجهزة الحكومة على رأي المواطن والمقيم فيما تقدمه من خدمات وترى صورتها من خلال أعين الناس؟ أظن أن إهمال هذا الجانب ربما كان وراء ظهور النفس الطائفي والقبلي والمذهبي عند الناس اليوم لشعورهم بالأمان بين ذويهم (قبائلهم وطوائفهم) على الرغم مما تقدمه مؤسسات الدولة من خدمات وأموال، وهنا الخطورة.

حكومتنا اليوم تصرف معظم إيراداتها من النفط على خدمة الناس وفقا للنموذج الريعي للحياة، ورغم ذلك يتعرض رئيس الوزراء ووزراؤه للاستجواب تلو الآخر، وتتعطل المصالح، وتتكرر المظاهرات، وتنتفض الدولة بأكملها لصد استجواب هنا ومعركة هناك، والنتيجة مزيد من القلق وانعدام الشعور بالأمان، فهل هذه نتيجة منطقية؟ لماذا يأتي صرف المليارات على الناس سنويا بالقلق، وبعكس ما تشتهي الحكومة؟ أم أن في الأمر لغزا يجب حله؟

وأخيرا نقول: مادامت حياتنا في هذا البلد مبنية على التجارب في كل شيء، فلتجرب الحكومة إجراء مسح للرأي فيما تقدمه من خدمات حسب كل وزارة، وتعلن نتائجه بكل شفافية على الملأ فربما نكتشف اللغز الغامض وهو: صرف المليارات والنتيجة عدم رضا!!