لكي ينجح أي مشروع حكومي أو خاص لابد أن تتوافر له الإدارة الكفؤة القادرة على التخطيط والتنفيذ باقتدار وإبداع يميزها عن غيرها من المنافسين، ويمكنها من تحقيق نتائج أفضل دون أن تغفل عوامل الأمن من المخاطر المعروفة أو المتوقعة.

Ad

دار جدل كبير عن تفوق الأعمال الحرة على أعمال الحكومة وشركاتها ومؤسساتها، لكن الحقيقة ليست الملكية هي التي تخلق هذا التفوق، إنما نوع الإدارة وكفاءتها وعندنا أمثلة للخدمات المتميزة التي تقدمها وزارات أو مؤسسات حكومية بينما فشلت أخرى من الحكومة نفسها كما فشلت شركات خاصة رغم كل الدعم الذي حصلت عليه من مساهميها. أين الخلل؟ وكيف انكشفت شركاتنا الخاصة واستمر التدهور في أجهزة حكومية مع وجود نجاحات لآخرين في القطاعين؟

فلتبحث أولاً عن القيادة واختيار هذه القيادات للعاملين معها وطريقة تحفيزهم وتشجيعهم وأسالبب التدريب والتأهيل، ثم انظر في النظم الآلية وتسلسل العمليات عندهم وعندها ستكتشف حجم المشكلة وأسباب المخاطر التي عرَّضت بعضها للإفلاس والبعض يحتضر ينتظر دعم الحكومة والمساهمين. بعض هذه القيادات لا يعرف حتى الآن حجم المصيبة التي تتعرَّض لها منظماتهم، وبالتأكيد لا يعرف طريقة الخلاص.

انظر إلى الهياكل التنظيمية لشركاتنا ومؤسساتنا تجدها متشابهة لا تفترق إلا في الحجم والعدد، لكن الخط الأول والثاني يكونان طبق الأصل، في الغالب. ومعظم هذه التنظيمات بَنَت هياكلها حتى قبل أن تقرر ماذا ستفعل، وحجم المسؤوليات والواجبات لكل قسم أو دائرة فيها، وخضع التنظيم لتصورات المسؤول الأول فيها وأحلامه قبل أن يعرف أولوياته والعمل الأساسي لشركته أو مؤسسته.

زاد عدد المسؤولين والموظفين للرغبة في بناء إمبراطورية قبل أن نعرف دور هذه الإمبراطورية ومستقبلها وأي الأعمال ستكون محور نشاطها؟ لم نسمع أحداً قام بدراسة تكلفة التنظيم والإدارة قبل أن يقرر متى وأين يكون النمو في قوتها العاملة؟

أنا أسأل فقط، كم من شركاتنا ومؤسساتنا يمتلك نظاماً معتمداً للاختيار يقوم على أساس الكفاءة؟ وإن وجد... كم مرة طُبق؟ وعلى أي مستوى؟ وكم من شركاتنا لديها برامج لإعداد القادة والفنيين والممارسين والباعة ومقدمي الخدمة وموظفي الدعم والمساندة بحيث تكون المنظمة كلها تعمل بتناغم وتفاهم وعلى أسس متينة ومتطورة باستمرار؟ هناك آلاف البرامج التدريبية التجارية المكررة التي لا تفيد وليس لها علاقة بحاجة المنظمة والعاملين بها... وأسأل هنا عن البرامج التي تؤدي نتائج إيجابية وتمثل استثماراً يرى الجميع عوائده ويحسون بها.

كم شركة لدينا حددت الواجبات والمسؤوليات والصلاحيات بطريقة متقدمة وراجعتها وطورتها بانتظام، ولم تتركها زينة بالملفات لا تستفيد منها الشركة، ولا يستفيد منها المكلف بها؟

كم شركة لديها نظام لتقييم القياديين ولاكتشاف المهارات القيادية والفنية وتطوير إحصاءات بالمخزون الرأسمالي البشري، بحيث يكون أمام الإدارة خيارات لملء الشواغر، وبدائل للقيادات، وعناصر معروفة عند اتخاذ قرارات التوسع؟

كم شركة لدينا تحدد الراتب على الكفاءة ونتائج الأعمال؟ وكم شركة تربط نظام حوافزها بعائد الاستثمار، وجودة المنتج، ودرجة الإبداع والتطوير؟

للأسف معظم برامج الحوافز الحالية ليس لها علاقة بالتميز، وأصبحت نظم خيارات الأسهم منحاً يقررها مسؤول ليس لها أي مبرر، وليس لها أي نفع للمنظمة، وأين برامج الخيارات والمكافآت التي تؤدي إلى الإبداع والتطوير والارتقاء بالجودة، والعناية الجادة والمخلصة بالعملاء؟

كم شركة من شركاتنا الجديدة والقديمة قدمت منتجاً مختلفاً عما يقدمه الجميع؟ كم شركة أبقت جرس الإنذار يقظاً لتحليل المخاطر والاستعداد لها وتحديد المخارج قبل المداخل قبل اتخاذ أي قرار استثماري محلي أو خارجي؟ كم هي درجة الوعي بالمخاطر لدى العاملين بالشركات؟ وهل يدرك هؤلاء أن كلمة بالديوانية يمكن أن تقتل الشركة التي يعمل بها أو الإضرار بها ضرراً جسيماً، وقد يؤدي إلى امتناع المساهمين وهروب المتعاملين معها؟ وهل تدرك القيادات قيمة الوعي بالمخاطر والتوعية بها لكي يساهم الجميع في حماية شركتهم، وليس مدقق الحسابات أو مدير إدارة المخاطر فقط؟

فهل آن الأوان أن نعي أهمية الكفاءة؟

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء