في الوقت الذي يزداد فيه باراك أوباما غرقا في مستنقع بوش الأفغاني هو ومن معه من الأوروبيين الذين لم يتعلموا الدرس من مقاومة العراق، يشعر رفيقه ساركوزي بأن الدنيا تكاد تطبق عليه، ولم يبق أحد لينقذه من مصيبة تورطه في مخطط أجاكس 2 الفاشل للإطاحة بنظام طهران سوى الرئيس بشار الأسد!

Ad

هذه هي نتيجة المكابرة والعناد وعدم الإصغاء إلى نصائح بيكر-هاملتون الشهيرة التي سبق أن قدمت للإمبراطوريين من جماعة المحافظين الأميركيين الجدد، والذين لم يتعلم منهم لا أوباما ولا ساركوزي، ما يضطرهما اليوم لمد اليد لطلب العون من دمشق أولا ومن طهران عاجلا أو آجلا للخروج ليس فقط من ورطتهما المشتركة من المؤامرة الفاشلة ضد إيران الإسلامية، بل من رمال أفغانستان المتحركة، وكل الأرض العربية والإسلامية إن كانوا يريدون السلام حقا والاستقرار والعلاقات الطبيعية مع أهل هذه المنطقة وأصحابها الحقيقيين وليس المزورين!

في الساعات الراهنة ينكب كل من الرئيس بشار الأسد ومضيفه الإيراني الرئيس محمود أحمدي نجاد على دراسة الملفات الأساسية المشتركة ذات الاهتمام للحليفين والأكثر تأثيرا في صناعة الحدث في الوطن العربي والإسلامي، ألا وهي القضية الفلسطينية والمسألة اللبنانية ومستقبل كل من العراق وأفغانستان، واللذين سيكونان حسب اعتقاد جل المحللين السياسيين أهم رجلين قادرين على وقف جموح الغرب وإعادته إلى رشده قبل فوات الأوان!

وأما بريطانيا العظمى، التي يبدو أن الشمس قد بدأت تغيب عنها تماما، فقد تاهت مراكبها في بحر العرب والمسلمين، بعد أن خرجت من خطة أجاكس 2 الفاشلة ليس فقط خالية الوفاض، بل إن الرئيس أحمدي نجاد يهددها بين الفينة والأخرى «بأن ترعوي سريعا أو أنه سيوجه لها ضربة كف قاسية لن تفيق منها سريعا أو يضرب رأسها في السقف» كما جاء في آخر تصريح له بعد انكشاف دورها المبتذل في التشجيع على حوادث الشغب التي أعقبت الانتخابات الرئاسية الإيرانية الأخيرة.

يذهب اليوم الرئيس السوري بشار الأسد لملاقاة حليفه الاستراتيجي محمود أحمدي نجاد في طهران، وهو واثق الخطى مرفوع الرأس مدافعا عن قضايا أمته بعد أن أذعن «عرب الاعتدال» كما الغرب الاستعلائي إلى أنه ليس فقط لا سلام في بلادنا من دون سورية وهي معادلة تاريخية معروفة، بل هذه المرة لا حرب أيضا واقعة إذا كانت سورية أو أحد حلفائها الأساسيين لا يريدونها أو يضعون فيتو عليها!

وإذا كان محمود عباس اليوم يستدير نحو طهران ويتودد إليها، وإذا كان قائد 14 مارس اللبناني الحقيقي يحن إلى دمشق وحلب، ويشتاق كثيرا إلى زيارة بلاد فارس ويمني النفس بأن يستعيد أيام عبدالناصر التي شب وشاب عليها من خلال إرسال ابنه تيمور إلى الضاحية الجنوبية، كما قال الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، فإن الفضل في كل ذلك يعود لصمود أبناء المقاومة الإسلامية اللبنانية في معركة تموز الدفاعية المجيدة وتمريغهم أنوف الصهاينة المحتلين بترابه الجليل الصامد والصاعد أبدا، ووقفة أشقائهم السوريين والإيرانيين بكل صلابة من خلفهم أيا كانت الأثمان!

سيرى الرئيس بشار الأسد بأم عينه كما سيسمع من حليفه الإيراني الوفي لقضايا العر ب والمسلمين، كيف استطاعت قلعة المقاومة الإسلامية والتي لطالما اتهمها الأميركي الجاهل بأنها «البنك المركزي للإرهاب» من إسقاط مؤامرة سلخ إيران عن محيطها العربي والإسلامي الطبيعي!

ومع سقوط مؤامرة سلخ إيران عن محيطها العربي والإسلامي فقد سقط أيضا وإلى الأبد وهم الغرب وبعض «عرب الاعتدال» ما يسمونه فصل سورية أو إبعاد دمشق عن طهران، وهم الجاهلون أصلا بمدى رسوخ هذا التحالف الاستراتيجي الذي بناه الراحلان العظيمان حافظ الأسد وروح الله الموسوي الخميني حجرا حجرا ومدماكا بمدماك!

عندما يذعن الغرب لمدى عمق و قوة وحجم التحالف السوري الإيراني غير القابل للانفكاك، وعندما يذعن الغرب لمدى صلابة أهل الرباط في فلسطين في الدفاع عن قضيتهم العادلة ولو دامت المقلومة قرنا آخر، وعندما يذعن الغرب لمدى صلابة وقوة التصدي وروح الفداء التي يتمتع بها رجال الله في لبنان فقط يستطيعون أن يفهموا بعضا من جدول أعمال محادثات الرئيسين المناضلين بشار الأسد ومحمود أحمدي نجاد في طهران!

لقد آن الأوان لقادة الغرب وفي مقدمتهم أوباما أن يذعنوا بألا أمن ولا استقرار ولا سلام عادلا في المنطقة كلها من القدس إلى بيروت إلى بغداد إلى كابول إلا بالاستماع تفصيلا إلى ما تقول به كل من دمشق وطهران، لأن العاصمتين المقاومتين قررتا ومنذ وقت مبكر، أن الدفاع عن أسوار أي من العواصم العربية والإسلامية هو دفاع عن الأمن القومي لبلادهما!

وقد آن الأوان أيضا لأوباما بالذات وهو الداعي للتغيير أن يغادر فورا ودون تأخير مواقع وخنادق بوش ومستنقعاته، والتخلي عن أحلامه الإمبراطورية بالسيطرة على مقدرات العرب والمسلمين من خلال وهم إمكانية التعايش، فضلا عن العيش مع دويلة عنصرية نازية منبوذة اسمها إسرائيل، وأن يخرج من ذهنه نهائيا وإلى الأبد إمكانية التطبيع مع هذا الجسم الطارئ على بلادنا ولو دامت جهوده وجهود خلفائه قرونا من الزمان!

وليعلم جيدا وقبل فوات الأوان أن من يعده بغير ذلك من زعماء أو مسؤولين إنما هو مجرد أضغاث أحلام أصحابها لا يملكون حتى مجرد التحكم ببيوتهم وقصورهم فما بالك بأمة العرب والمسلمين! فالزمن هو زمن سورية الأسد الأب والابن وإيران الولاية بزعامة المرشد آية الله علي خامنئي المصمم على السير على خطى الإمام المؤسس لهذه الجمهورية وثورتها روح الله الموسوي الخميني، وهي القلعة والعرين الذي سيظل يدافع عن أسوده السورية واللبنانية والفلسطينية وغيرها من أسود المقاومة في بلاد العرب والمسلمين، مادام هناك طفل إيراني مسلم ينبض قلبه بالإيمان وبالوحدة الإسلامية وحق العودة لأهلنا الأحرار في فلسطين أم القضايا وأم الأوطان.

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء