لم أتخيل أن تُحدِث المقالة التي كتبتها عن «الجنادرية والمرأة» كل هذا الانتباه، وأن يذهب البعض في تفسيرها إلى أبعد ممّا عنيت، وربما أبعد ممّا يمكن للكلمات أن تحمل من معانٍ.

Ad

ومن المحزن أن يُفسَّر ما كتبت بأنه محاولة للإساءة إلى هذا المهرجان والقائمين عليه، فأنا موقفي تجاه المهرجان واضح منذ أكثر من خمسة عشر عاماً، عندما كتبت عن هذا المهرجان مقالة في مجلة «مشاعر» بعنوان «أمير من مطر»، في تلك الكتابة كان المداد غبطة ملأت القلب وفرحة طاولت السماء، للنقلة النوعية التي أحدثها صاحب السمو الملكي الأمير متعب بن عبدالله بن عبدالعزيز، عندما تولى مباشرة رعاية مهرجان الجنادرية، ولعلي الوحيد الذي كتب عن ذلك الموضوع بذلك التفصيل وذلك الحماس.

وكان ما كتبته تعبيراً صادقاً عن وجهة نظر شخصية تجاه ذلك التغيير الجبار الذي قام به سموه، إما بشكل شخصي أو بإشراف من قِبَله، واعتبرت أن ما قام به سموه حينها نقلة نوعية في خارطة الطريق إلى هذا المهرجان.

في هذا العام نقلة أخرى لا تقل أهمية حاولت الكتابة عنها في مقال الأسبوع الماضي، إذ كان جل المقال الاعتزاز بما وصل إليه مهرجان الجنادرية من مستوى راقٍ، معتبراً إياه أهم التظاهرات التي تُقام سنوياً على امتداد الوطن العربي.

وكتبت حرفياً: «تأتي أهمية هذا العرس الوطني ليس فقط من نشاطاته الثقافية المتنوعة، بل لأنه يعكس الفكر الحضاري لوطن يمثل حجر الأساس في رؤية الآخرين لتطور المجتمعات الإسلامية والعربية على حد سواء، وتشكيل فهمهم لنمط تفكير هذين العالمين، واللافت في مهرجان هذا العام، أن المرأة أُعطيت مساحة للمشاركة أكبر من المعتاد في دوراته السابقة، ممّا يعكس رغبة حقيقية في خلق مجتمع طبيعي، تشارك فيه المرأة وتعطي وتساهم في رسم حياة لمجتمع ظل يسدل عليها الأحجبة والأغطية، لتبقى على هامش مسيرته».

إن اعتزازي بهذا المهرجان والقائمين عليه، وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين، منذ بدايته والى الآن، ليس محل شك أو تشكيك، فإصلاحات جلالته شملت الكثير من جوانب حياتنا ولاتزال.

إن إشارتي إلى بعض السلوكيات السلبية أتت من باب الحرص على هذا العمل الرائع لا أكثر، وما أشرت إليه لا يشكل انتقاصاً من هذا العمل الرائع، بل محاولة للفت الانتباه الى ما يُكتَب ويتداوله الناس في المنتديات، فأنا لم أتهم أحداً بعينه ولم أضخم الأمر، لكنني رأيت -ومازالت أرى- أن عملاً بحجم الجنادرية لا يُفترَض أن يُمسَّ بممارسات أفراد.

لذا أتمنى ممّن قرأ مقالتي على غير ما ذهبت إليه وما وضحته هنا، أن يأخذها في هذه الحدود لا أكثر: اعتزاز كبير بالمهرجان وما وصل إليه من سمعة عالمية، وفخر يإشراك المرأة بشكل أفضل، وتنبيه الى أحداث هامشية خشية تأثيرها على تلك الإيجابيات، والله من وراء القصد.