مازال: فعل ناقص يفيد الاستمرار.

Ad

المهرجون: اسم مازال مرفوع بالواو يؤدي فعل الرقص.

رغم مرور شهر على خطاب «الحاوي» أوباما، فإن المهرجين العرب من كتاب وسياسيين ومحللين ممن نشأوا على التربية الداجنة في مزارع الدكتاتوريات العربية، مازالوا يتراقصون حول أشلاء الخطاب الأوبامي الذي نسفه نتنياهو في خطابه الأخير، وعلق عليه «الحاوي» قائلا: إنه حديث مشجع وبداية طيبة! فمتى تنتهي حفلات الرقص والتهليل؟

مازال المهرجون يتناسون أن القرار الأميركي قرار مؤسسي وليس فردياً، كما اعتادوا من حكامهم، فالحاكم العربي هو الملهم وقراره لا يأتيه الباطل ولا يشوبه النقصان، كما أنهم يحاولون تطبيق ذلك على الحاوي الأميركي ويدَّعون أنه سيد قراره وسيد حكومته.

لا يا سادة فالقرار الأميركي- ونقولها للمرة العاشرة- قرار مؤسسي ولا يستطيع الرئيس الأميركي أياً من كان أن يتخذ قراراً بعيداً عن رغبة شعبه ورقابة حكومته، ودور الرئيس فقط هو تغليف القرار الذي يتخذه الشعب الأميركي. قد يكون التغليف سيئاً في ورقة سوداء قاتمة، كما كان مع سلفه الرئيس بوش، وقد يكون بورقة «سيلوفان» حمراء مع وردة قرنفلية كما يفعل أوباما.

في مقابلة تلفزيونية أطل علينا أحدهم ممن يصفقون للحاوي الأميركي، واستغل حديثه حول الخطاب الأوبامي في الهجوم على المعارضة المصرية بلا داع، وتوهم نفسه «أرشميدس» الكوميديا العربية، وأخذ يقهقه ضاحكاً «كفاية... كفاية» بمعنى كفى يا «كفاية» أو انتهى دورك أو انتهى أملك.

حقيقة لا ألومه فهو لا يعرف عن مصر غير شيراتون الجزيرة في القاهرة وشرم الشيخ ومرسى علم، ولكن يا سيدي إن أردت أن تعرف عن مصر وشعبها، وتدرك حقيقة المعارضة المصرية فإني أدعوك إلى زيارة «عزبة الهجانة» و»مساكن الدويقة» في القاهرة، وأدعوك إلى جولة سياحية في كفور ونجوع عموم مصر المحروسة.

يدَّعي بعض المصفقين أن أوباما قال ما يجب قوله، وأن الكرة الآن في ملعب العرب وعليهم أن يبدأوا وألا ينتظروا من أحد أن ينوب عنهم فيما يجب عليهم القيام به... وإذا كان الأمر كذلك فما الجديد الذي قدمه أوباما؟

إن الكرة في ملعب العرب منذ زمن طويل، ولكنهم للأسف لا يجيدون قذفها في مرمى منافسهم، أو منعها من دخول مرماهم... فقط يتفرجون ويصفقون وينظرون إلى الحكم يطالبونه بضربة جزاء هنا أو احتساب تسلل هناك.

كيف يمكن أن تتغير نظرة أوباما بين ليلة وضحاها ما بين حديثه في جامعة القاهرة وحديث ربيبه نتنياهو في جامعة تل أبيب؟ فلقد فضح نتنياهو كل شيء فلا توجد دولتان ولا سلام، ولكن فقط الأمن الإسرائيلي والاعتراف بيهودية إسرائيل أولاً وثانياً وعاشراً، وبعد ذلك نعطي قطعة أرض للفلسطينيين يعيشون عليها بلا دولة ولا حدود ولا سلاح.

لقد كان نتنياهو صريحاً في حديثه الذي أغضب الحكام العرب، وكشف عوراتهم فطفقوا يخصفون عليها عبارات وكلمات أوباما طمعاً في سترها والتخفي ورائها، ولكن هيهات... هيهات، فالعورات ظاهرة لن تخفيها جملة هنا أو تصريح هناك، أو زيارة هنا ومقابلة هناك، وإن كنا فقدنا الأمل في تفهم الحكام العرب لأماني وأحلام شعوبهم، فإننا لم نفقد الأمل بعد في الشعوب ذاتها وإيمانها بقدرها وقدرتها على إحداث التغيير المطلوب وتحقيق الأمل المنشود... فهل يتحقق؟!