تقاس الدول بدرجة التطوير والتحديث، وما تملك من موارد وثروات، وتأتي الثروة البشرية على رأس الأهمية، لذا يجب أن نضع الاستثمار البشري نصب أعيننا، ونسعى إلى توجيهه نحو الإنتاجية في المجال الحكومي والتنافسية في المشاريع والأنشطة الاقتصادية في القطاع الخاص.

Ad

واستكمالا لمقال الأسبوع الماضي، الذي تناول مشاكل استيعاب سوق العمل للخريجين من الشباب القليلي الخبرة، واستمرار الجهود الحكومية في إقناع الداخلين الجدد إلى سوق العمل بالتوظف في القطاع الخاص، الأمر الذي يضع الخريج أمام اختيارين: إما الوظيفة الحكومية ذات ساعات العمل القليلة والإنتاجية الأقل، وإما القطاع الخاص الذي يتخذ من الإنتاجية معيارا للتوظيف، ويحلم بالتخلص من قيود العمالة المحلية غير المنتجة، والتي فرضتها الدولة عليه بقانون، فما الحل؟

العديد من الدول تضع السياسات والتشريعات والخطط لتحقيق الأمان والاستقرار الوظيفي، وتأمين الضمان الاجتماعي، ولا شك أن التكلفة الباهظة التي تتحملها الدولة والمتمثلة في الأرقام الخيالية الواقعة تحت بنود دعم العمالة وبدل البطالة، تحقق الأمن الاقتصادي.

والمتابع للندوات والمؤتمرات الخاصة بالعمالة لابد أن يتوقف أمام الهموم التي تواجه القائمين على مشاريع «التكويت» في القطاع الخاص، ومنها ندوة «قانون دعم العمالة الوطنية آمال وتطلعات» التي أقيمت قبل عدة أسابيع، وصب المجتمعون من خلالها غضبهم على الحكومة لأنها تتعمد تقديم الامتيازات المالية للموظفين في الجهاز الحكومي، وتغفل القطاع الخاص (القبس- ديسمبر 2009).

أما السلبيات التي تواجه أغلب برامج «التكويت» فهي ابتعاد مخرجات التعليم عن متطلبات سوق العمل، الأمر الذي أدى إلى تضخم ميزانيات التدريب، أمام الجهد الضائع لإقناع الشركات بتوظيف الشباب الكويتي، على الرغم من توفير قانون 19/2001 الخاص بدعم العمالة الوطنية العديد من المميزات للمواطنين العاملين في القطاع الخاص والشركات التي توظف الشباب الكويتي.

ودعم الحكومة للقطاع الخاص يشمل، حسب القانون، توفير الأراضي الصناعية والزراعية وتسهيل المناقصات للشركات التي تطبق نسبة العمالة الوطنية، والقانون ألزم برنامج إعادة الهيكلة بتقديم بدل نقدي للباحثين عن العمل لإعانتهم اجتماعيا، وتوفير التدريب، حتى لا يجد القطاع الخاص عذرا، ومع ذلك نجد القطاع الحكومي أكثر جاذبية، وقد يكون أحد الأسباب هو غياب التوصيف الصحيح للقطاع الخاص، والابتعاد عن تصنيفه حسب الأعمال والمهارات المطلوبة.

واليوم نتحرك بعشوائية، ونستمر بطرح الاستراتيجيات البديلة المكلفة، الأمر الذي يجعل سوق العمل مبهما، والتخصصات المطلوبة غير معروفة، بين عشوائية التعليم وتكديس الموظفين.

وفي النهاية فإن تنويع الاقتصاد مطلوب، وتحفيز مشاريع التطوير والتحديث أمر ضروري، والتحول إلى المركز المالي والتنموي والسياحي العالمي يضعنا أمام مواصفات جديدة لسوق العمل، والمتمثلة في الاحتياجات الجديدة للسوق، أولها العمالة المدربة التي تتمتع بالمستوى العلمي المطلوب، والأخرى الهامشية التي تشغل قطاعاً من الوظيفة لا يشمل الكويتيين، لذلك علينا التعامل مع صعوبة المعادلة.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة