لا يخفى على أحد الخلاف والاستقطاب داخل الأسرة الحاكمة، وأثر ذلك النزاع على سياسة الدولة والإعلام غير النزيه، وعندما تسأل مشجعي أحد الأطراف عن سبب تأييدهم له دون الآخر يأتيك الرد أنه «صاحب قرار»، أما جمهور الطرف الآخر فجوابهم «أنه نظيف وطيب»!

Ad

وهذا التقييم لمقومات النجاح والقيادة له دلالات كثيرة أهمها: تخلف أدوات التقييم أصلاً، وتدني مستوى التوقعات والآمال من ناحية، وضعف- إن لم يكن انعدام- الأمثلة الإيجابية والمُثل العليا، فالقيادة علم له أًصول ومقاييس ونماذج لا يمكن اختزالها بالإقدام والنظافة، ونموذج القيادي الناجح في تغير وتطور مستمرين يعتمد على الأبحاث ودراسات الحالة واستطلاعات الرأي والاستبيانات التحليلية، ولا يمكن اختزاله بصفة أو مهارة واحدة.

النموذج الحديث للقيادي الناجح- سواء في مجال الأعمال أو السياسة- لا يكتفي بالجرأة والإقدام على اتخاذ القرار، بل يتطلب مهارات القياس واتخاذ القرار الصحيح على أساس المعطيات وباتجاه رؤية استراتيجية واضحة. ورغم أهمية النزاهة والأخلاق- خصوصاً بعد الأزمة الاقتصادية العالمية- فإن ذلك لا يسد الحاجة لمهارات أخرى كثيرة كالتخطيط العملي والاستراتيجي، والقدرة على إدارة الموارد بشكل فعال، وإدارة أداء الآخرين وتطوير إنتاجيتهم.

ولعل أهم مهارات القيادة هي القدرة على التأثير والإقناع، وذلك يملي القدرة على التواصل مع كل المستويات والخطابة والكتابة وإجادة استخدام قنوات الاتصال المتاحة كافة. كما يملي ذلك القدرة على التفاوض والتحفيز والتفويض والمرونة وغيرها الكثير من المهارات.

وهذه المهارات مجتمعة تضمن النجاح، وكلما ارتفع مستوى سلطات القيادي ازدادت أهمية هذه المهارات، وهي في مجملها مهارات قابلة للاكتساب بالتعليم والتدريب رغم الاعتقاد السائد أن القيادة وراثية. لذا فإن جميع المؤسسات (التجارية والسياسية والاجتماعية) الناجحة- بما فيها الأسر المالكة والحاكمة- تسعى إلى تدريب القيادة المستقبلية منذ نعومة أظفارها لتضمن نجاحها متى ما استدعى الأمر استلامها لزمام القيادة.

مشكلتنا في الكويت لا تنحصر في إهمال التدريب والتعليم والتوجيه فقط، إنما بالتقصي الحاد في المثل العليا التي يمكن للشباب أن يتطلع إليها ويتعلم منها بالممارسة. لذا تبقى صورة القيادي الناجح مشوهة، ونظل بعيدين عن النجاح والتقدم والتطور، وننشغل بخلافات تافهة وشخصية على حساب حاضرنا ومستقبلنا.

لذا أنصح الأسرة بالتخطيط من الآن للإعداد لقادة المستقبل، فلا الطيبة ولا الإقدام سيصلان بنا إلى بر الأمان!