عانى القطاع المصرفي مواجهة انكشافات مالية على بعض العملاء، بسبب عدم اتباع بعض البنوك أساسيات الائتمان الرشيدة وإدارة الأصول والخصوم، التي أبرزت الأزمة المالية مدى أهمية اتباعها والتزامها، ما أدى إلى تخفيض تصنيفاتها خلال العام الماضي.

Ad

أرجع مصرفيون السبب الحقيقي لمعاناة القطاع المصرفي الانكشافات المتتالية خلال الأزمة المالية، إلى الضعف الشديد الذي كانت عليه إدارات المخاطر قبل الأزمة وتساهلها الكبير في تعاملها مع ضمانات القروض، ما دفعها إلى أخذ المخصصات اللازمة للتعامل مع الديون المتعثرة، كما تأثرت المراكز المالية لبعض البنوك وظهرت حاجتها إلى تعزيز قدراتها على ممارسة أنشطتها المصرفية، وتأثرت التصنيفات المالية للبنوك بشكل كبير، ما هدَّد التصنيف العام للكويت.

وحمَّل هؤلاء إشكالية اسقاط فوائد القروض الاستهلاكية للأفراد والجدل الدائر بشأنها، لإدارات المخاطر التي كانت السبب الرئيسي وراء تعثر هؤلاء العملاء بسبب عدم قدرتها على قياس قدرتهم الحقيقية في سداد التزاماتهم، لافتين إلى أن ضعف دور الرقابة الداخلية لدى بعض البنوك هو ما أدى الى الحال التي وصلنا اليها حاليا، مشددين على اهمية دور الرقابة الداخلية والمتمثلة في دور مجلس الادارة والادارة التنفيذية التي يجب ان تطبق معايير الحوكمة والادارة الرشيدة، إذ ستتكرر الازمات مرة أخرى لدى هذه البنوك مع أي هزة اقتصادية أخرى إقليمية أو عالمية، في ظل غياب الحوكمة وعدم تفعيل دور الرقابة الداخلية، ولن تكون الاجهزة الرقابية الرسمية وحدها قادرة على الحيلولة دون وقوع اي هزات اخرى.

وأشاروا إلى تكاسل البنوك في إنشاء إدارات المخاطر وإرجائها إلى وقت قريب، الامر الذي أثر في قدرتها على التعامل مع الأزمة المالية لحداثتها وعدم خبرتها في مواكبة هذه المخاطر، لافتين إلى وجود إخفاق من جانب البنوك في تطبيق الحوكمة، وفي توزيع الادوار والصلاحيات وفض التشابك بين دور الادارات العليا والتنفيذية، مؤكدين الاخفاق في المواءمة بين الأصول والخصوم، بحيث اندفعت مؤسسات عديدة في الاقتراض القصير الأجل لتمويل مشاريع طويلة الأجل، وهي غير قادرة اليوم على التخارج من هذه الأصول.

وفي ما يلي الاخطاء التي وقعت فيها إدارات المخاطر بالبنوك:

1- ضعف الحوكمة وحداثة إدارات المخاطر

قال خبراء ان كل المشكلات والأخطاء التي وقعت فيها البنوك في الفترة التي سبقت الازمة، ترجع إلى ضعف الحوكمة التي تعانيه البنوك كما تعانيه كل المؤسسات العاملة في الكويت، ما دفع البنك المركزي إلى اتخاذ عدة إجراءات لسد هذه الثغرة، أهمها إصدار تعميم بعمل اختبارات، مشيرين إلى أن الاداء الضعيف الذي عانته إدارات المخاطر بسبب تأخر نشأتها في البنوك الكويتية إلى وقت قريب، رغم أن بعض البنوك تعدى عمره الخمسين عاماً لكنه بدأ إنشاء هذه الادارات منذ عقد فقط.

2 - التساهل في منح القروض

 من دون ضمانات حقيقية

تساهلت إدارات المخاطر بالبنوك في الموافقة على اقراض مع شركات الاستثمار والعقار خلال السنوات الماضية، بالاعتماد على الميزانيات والمراكز المالية لهذه الشركات، من دون الاخذ في الضمانات والملاءة المالية لهذه الشركات.

3 - الإخفاق في المواءمة بين الأصول والخصوم

اندفعت مؤسسات عديدة في الاقتراض القصير الأجل لتمويل مشاريع طويلة الأجل، الامر الذي أثر في التخارج من هذه الأصول.

4 - اتباع الإفصاحات المضللة

اتبعت بعض شركات الاستثمار سياسية التعتيم على بياناتها المالية وعدم الافصاح عن أصولها الحقيقية، وهو ما أوقع إدارات المخاطر للبنوك في فخ بعض الشركات غير المليئة، بظل غياب قانون يمنع الممارسات الخاطئة، ويلزم الشركات بالافصاح السليم، رغم وجود عقوبات وغرامات على مثل تلك الممارسات يتم تطبيقها في الدول العربية.

5 - ارتفاع كلفة المخاطر

زادت المخاطر بشكل كبير في العمليات التي قامت بها البنوك خلال السنوات الثلاث قبل الازمة، باعتمادها على مصادر ارباح ذات مخاطر كبيرة، محاولة منها لاغتنام كعكة القروض الاستهلاكية والاستثمارية التي بلغت ذروتها في فترة الرواج، وهو ما ظهر بالفعل على مستوى الارباح التي حققتها هذه البنوك، لكنه ترك أثرا بالغاً على بنود مخصصات الديون المعدومة والمشكوك في تحصيلها، كما سجلت نسبة كلفة المخاطر (المخصصات/إجمالي الايرادات) ارتفاعا ملحوظا نتيجة ارتفاع المخصصات، في آخر عامين بسبب عدم تقدير مخاطر الائتمان الحقيقية للقروض الممنوحة، ما انعكس على المخصصات التي اتخذتها البنوك في هذين العامين.

6 - قرارات متضاربة لا تواكب الأزمة:

ظهر واضحاً التخبط في قرارات بعض إدارات المخاطر في تعاملها مع ملف القروض، وعدم قدرتها على مواكبة تداعيات الأزمة، الأمر الذي أدى إلى خسارة البنوك من جانبين الأول أنها وقعت تحت تهديد بإعدام هذه القروض، والثاني أنها فقدت بعض العملاء والشركات التي سرعان ما وفقت أوضاعها، كما عانت هذه الادارات تشابكها مع إدارات اخرى أدت إلى تدخلات في قراراتها، ما دفع في النهاية إلى حدوث بعض التفنيشات وإعادة الهيكلة في هذه الإدارات.

7 - التغاضي عن عمليات مع أطراف ذات صلة

أعطت إدارات المخاطر الضوء الاخضر لتوسيع عمليات البنوك مع أطراف ذات صلة، مثل المساهمين الكبار في البنك أو مع أعضاء مجلس الإدارة أو مع البنوك والشركات التابعة وحدوث مخالفات في هذه العمليات،  غذ لم تضع بعض البنوك حدوداً على إقراض المساهمين وأعضاء مجلس الإدارة، وموظفي الإدارة العامة وأصحاب مصالح الأعمال المتعلقة بشكل مباشر أو غير مباشر مع الملاك أو الإدارة العامة، كما لم يتم إنشاء أنظمة محددة لإدارة العمليات مع الأطراف ذات الصلة، كما لم يُمنع أعضاء مجلس الإدارة ذات المصالح المتضاربة من التصويت على مثل هذه المعاملات في الجمعيات العمومية.

8 - عدم القدرة على حساب المخاطر

في الأسواق الخارجية

لم يواكب التوسعات الكبيرة التي قامت بها البنوك في الاسواق الخارجية توسع مماثل في إدارة المخاطر، إذ اكتفت بالإدارات الموجودة من دون الاستعانة بخبرات عالمية أو من الدول التي قامت بالتوسع فيها، وهو ما أدى إلى تعرضها لمخاطر غير محسوبة نتيجة هذه التوسعات.

9 - عدم إسراعها في تسييل الأصول المرهونة مع تدهور أسعارها

تلكأت إدارات المخاطر في إصدار قرار بضرورة تسييل الاسهم والعقارات المرهونة التي تنخفض قيمتها بسبب الازمة، الامر الذي عاد عليها وعلى العميل أو الشركة التي ترهن هذه الاصول بخسائر كبيرة، خصوصا أن هناك حدا معينا تقوم عنده بتسييل الرهونات عنذ انخفاض اسعارها، كما أدى هذا الابطاء في النهاية إلى إصدار البنك المركزي تعميما بعدم تسييل هذه الاصول لعدم حدوث تدهور في اسعار الاصول في الكويت.

10- خلل في الرقابة الداخلية

ظهر في الأزمة إخفاق واضح للرقابة الداخلية المتمثلة في دور مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية، لجهة تطبيق معايير الحوكمة والإدارة الرشيدة، الأمر الذي دفع "المركزي" إلى إدخال تعديلات على معايير كفاية رأس المال (بازل 2) الخاص بعملية المراجعة الرقابية، لسد الثغرات التي ظهرت في الرقابة الداخلية لدى البنوك.