مع كل فبراير خصوصا منذ ما سمّي بـ«هلا فبراير» في سنة 1999 تستنفر القوى الدينية، لاسيما السياسية منها لتعبر عن امتعاضها ورفضها أو قبولها على مضض بهذا المهرجان، وما يحمله من بعض مظاهر الفرح بالأسلوب الكويتي الذي لا يخلو من إزعاج الناس أحيانا.

Ad

لقد كان الهدف الأساسي من هذا المهرجان هو التحفيز على الترفيه والتسوق وجعل الكويت بيئة جاذبة للسياحة، ولأن هذا الأمر لن يتحقق بشكله المأمول في بلد مليء بالتناقضات لا يعرف فيه الشعب هويته، بسبب إصرار البعض على أن تكون هوية هذا الشعب متشددة جدا، وإصرار الطرف الآخر على أن تلك الهوية ليست سوى هوية منفتحة ومتحررة، فبات الشعب المسكين أسيرا لما يتلقاه، فيصبح كالغراب الذي أضاع مشية الحمامة ونسي مشيته.

عموما، ولكثير من الظروف، منها صراع الهوية تحول مهرجان «هلا فبراير» إن كان لايزال يحمل هذا الاسم إلى اليوم أم لا، لا أعلم! تحول إلى ليالٍ غنائية شعرية في بادئ الأمر، واستمر على هذا المنوال، واستمر امتعاض القوى الدينية ورفضها كما يحلو لها أن تسمَّى، إلى أن رضخ كما توقعنا الرموز الظاهرون للتيار الديني بمجرد إدخال بعض الأمسيات الدينية على ما تبقى من المهرجان التسويقي، فأصبح بعض شيوخ الدين أعضاء في "روتانا" التي تضم بين جنباتها نانسي وهيفاء وإليسا!! وأصبح المهرجان وطنيا قيميا تربويا، بعد أن كان نفس التيار يكرر بأن ذلك المهرجان ما هو إلا انسلاخ عن الهوية الكويتية الحقة!

على أي حال، فإن تلون القوى الدينية أو الرموز الظاهرين لها ليس بجديد، والشواهد كثيرة ولا تكفي مقالة واحدة لأن نسوقها، لكن ما يزعجني حقا هو ذلك الزخم والتعظيم الذي يصوره التيار الديني لمجرد حضور الناس إلى الأنشطة الدينية المجانية، بل يلجؤون إلى المبالغة السمجة أحيانا كما عرضت المدونة الرائعة «أم صدّه» قبل أيام.

إن ذهابنا إلى المساجد والحسينيات والتزامنا بالمناسبات الدينية ليس من صنعكم، وليس بالأمر الجديد على الكويت والكويتيين، ولا يعني هذا الالتزام بأي شكل من الأشكال عزوفنا عن أي مظاهر فرح بريئة كحضور حفلة أو مسرح أو أي مجال إبداعي ترفيهي آخر.

كما أن الحشود الغفيرة التي تحضر لتعرف كيف تتلذذ بالصلاة أو لتسمع عبدالحميد المهاجر ليست من صنع اليوم في الكويت، ولم تكن أبداً طريقاً لإلغاء عبدالكريم أو رويشد أو نبيل أو نوال، فلا تفسروا ما هو ليس بقابل للتفسير، ولا تستبيحوا خداع الناس بأن من يذهب إلى الحفلات هم قلة، وأن من يذهب إلى الأناشيد والمحاضرات الدينية هم الأغلبية، فنحن شعب معتدل، وإن رفضتم ذلك.

 

خارج نطاق التغطية:

«شخبار صفقة زين»؟

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة