يوشك العام الدراسي أن ينتهي بعد أسابيع قليلة، مع اختتام امتحانات شهادة الثانوية العامة التي تؤهل قسماً من أبناء الجيل الحالي للانتقال إلى الحياة الجامعية المهمة، والتي تمثل مخرجاتها القاعدة المهنية والإدارية للبلد في المستقبل، وبلاشك فإن أبناء هذا الجيل من الخريجين قد تقلصت فرصهم مع تزايد أعدادهم التي لم يواكبها توسع في إمكانات جامعة الكويت والكليات التطبيقية.
كما أن محدودية تخصصات الجامعات الخاصة والمغالاة في مصاريفها التي أصبحت تزيد رسومها التي تفوق أرقى الجامعات العالمية، رغم حداثتها وتواضع كوادرها الأكاديمية ومرافقها البحثية والنقص الشديد لتخصصاتها العلمية يضيفان عبئا جديدا على شبابنا. ويبقى الأمل معلقا بشكل رئيسي على خطة البعثات الخارجية الحكومية لسد هذا النقص، واستيعاب المجتهدين لابتعاثهم إلى جامعات خارجية مرموقة تتوافر فيها تخصصات علمية مميزة، لنقل الخبرات إلى البلد من الدول المتقدمة، ولكن ما حدث العام الماضي في خطة البعثات الخارجية كان مؤسفا، بل إنه يمثل خطيئة كبرى في حق مستقبل شبابنا والبلد، بعد ضياع فرصتهم التي لا تعوض بالحصول على بعثة خارجية. فالقرار الذي اتخذ بزيادة مقاعد البعثات الخارجية إلى (1500) مقعد لم ينفذ لأسباب واهية: مثل عدم قدرة أجهزة الحاسوب على استقبال طلبات المتقدمين وعدم توافر العدد الكافي من الموظفين في وزارة التعليم العالي لاستقبال الأعداد الكبيرة من الطلبة المتقدمين للابتعاث، بالإضافة إلى عدم إمكانية المكاتب الثقافية الملحقة بسفاراتنا في الخارج في متابعة شؤون هذا العدد من الطلبة. وبناء عليه تم قبول تقريبا 600 طالب مبتعث فقط! رغم ما كان يتأمله الكثيرون من استغلال الفوائض المالية النفطية الكبيرة في السنوات الماضية في خطة ابتعاث ضخمة كما فعلت دول خليجية وعربية مثل ليبيا. ولكن يظل لنا أمل في أن تكون وزارة التعليم العالي قد تعلمت من تجربة العام الماضي، وعملت خلال الاثني عشر شهرا الماضية على توافر الكادر الوظيفي والأجهزة الفنية لاستيعاب أعداد الطلبة الذين سيتقدمون للبعثات الخارجية. كما أن مضمون الخطة يجب أن يراجع، فلا يجوز أن نستمر في ابتعاث الطلبة لدراسة إدارة الأعمال والتخصصات الأدبية، بينما يوجد أكثر من 10 آلاف طالب حاليا في الأردن ومصر ودول أخرى معظمهم يدرسون نفس التخصص، بالإضافة إلى طلبة البعثات الداخلية في الجامعات الخاصة التي توفر هذه التخصصات الأدبية القليلة التكلفة بكثافة في ظل غياب التخصصات العلمية الهندسية والطبية لديها. إذن لا يجوز أن تظل نسب القبول للتخصصات الهندسية والعلمية غير المتوافرة لدينا وتحتاجها الدولة عالية ووتتجاوز الـ80% مما يحد من عدد المبتعثين إلى هذه التخصصات بشكل كبير، ودفعهم إلى البعثات الداخلية، خصوصا حملة شهادات الثانوية الإنكليزية والأميركية وهو التوجه الذي يضيف أعدادا جديدة إلى جيش خريجي إدارة الأعمال والتخصصات التجارية الذي يتضخم يوما بعد يوم بشكل لافت، بينما يمكن الاستفادة بشكل مثمر من خريجي شهادة الثانوية الأجنبية في الالتحاق بجامعات مهمة في تخصصات هندسية وطبية وعلمية بسبب تمكنهم من اللغات لو تم خفض نسب القبول في البعثات الخارجية لهذه التخصصات بشكل يجعلها مقبولة. هذه بعض المصاعب والمشاكل التي اطلعت عليها من عدد من الطلبة وأولياء الأمور عن ملف البعثات الخارجية المهم في الكويت، والذي كان له تأثير رئيسي في تطور الكويت وتحديثها منذ أربعينيات القرن الماضي، نتمنى أن يتم بحثها والاستعداد بشكل جدي من وزيرة التربية والتعليم العالي د. موضي الحمود النشطة، وأن تكون باكورة نجاحاتها في وزارتها الجديدة صياغة الخطة وتنفيذها بنجاح، بالتعاون مع وكيلة وزارة التعليم العالي د. رشا الصباح صاحبة التجربة والخبرة في هذا المجال للاستعداد والتجهيز لخطة البعثات المقبلة وتنفيذها. كما يجب أن تدرك كل منهما والمسؤولين عن الخطة في الوزارة أن الأمر يتعلق بمستقبل شبابنا وثمرة جهودهم طوال سنوات طويلة، لاسيما أنه كذلك يتعلق بتشكيل مستقبل بلد عبر تأهيل شبابه أفضل تأهيل في ظل الإمكانات والثروات المتوافرة حالياً، دون أن تتكرر خطيئة العام الماضي. وأتمنى أن تسأل كل من د. الحمود ود. رشا نفسها من اليوم حتى إعلان نتائج الثانوية العامة: ماذا أعددنا؟ وكيف جهزنا أنفسنا لاستقبال الخريجين وإنجاح خطة الابتعاث الجديدة؟ كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء
مقالات
الحمود ود. رشا: لا تكررا خطيئة البعثات!
03-06-2009