سترتكب إيران حماقةً سياسيةً قاتلةً إنْ هي واصلت هذا التصعيد الأهوج ووضعت نفسها على الرصيف الذي تريد الولايات المتحدة، ومعها إسرائيل وبعض الدول الغربية، وضعَها عليه كما كانت وضعت العراق على هذا الرصيف، وأنه عندما كان ارتكب الخطأ نفسه قبل أن توجّه إليه تلك الضربة التي أوصلته إلى هذه الحالة، إذ عاد إلى إن لم يكن إلى مئات الأعوام فإلى عشراتها، وأصبح على ما هو عليه الآن.

Ad

"السعيد من اتَّعظ بغيره والشقي من اتَّعظ بنفسه"، وعلى إيران أن تدرك أنها بعد أن أصبحت متفسّخة من الداخل ومعزولة على الصعيد الخارجي فإنها غدت مكشوفة تماماً لضربة خاطفة ستكون بمنزلة عملية جراحية استئصالية سريعة مدمرة، إن هي بقيت تركب رأسها على هذا النحو، وإن هي لم تتراجع قبل أن يصبح التراجع غير ممكن ومستحيلاً وعلى جانب كبير من الصعوبة.

على العقلاء في إيران أن يضعوا حجراً كبيراً أمام دواليب مركبة محمود أحمدي نجاد الذي يسير على طريق المغامرة التي سار عليها متهورون كُثرٌ، فأوصلوا بلدانهم إلى الدمار والخراب، وعلى هؤلاء العقلاء أن يدركوا أن هذه السياسات التي يتعامل بها رئيسهم مع معادلات دولية في غاية الخطورة سوف توصل بلدهم إلى ما كانت وصلت إليه ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، وإلى ما وصل إليه العراق الذي ابتُلي بتصرفات أُميّة وجاهلة فكانت النتائج هذه النتائج الحالية.

عندما تقتتل إيران مع نفسها في الداخل وعلى هذا النحو، وعندما تصبح عزلتها حتى مع محيطها القريب على ما هي عليه الآن، وعندما تُبتلى بقيادة لا تعرف التاريخ وليس لديها قدرة على قراءة الأوضاع الحالية القراءة الصحيحة، فإنها في حقيقة الأمر تصبح كمَن يستدرجه المتربصون به استدراجا ليضربوا ضربتهم في اللحظة المناسبة، وهذا ما سيحصل بالتأكيد وقريباً إذا بقي محمود أحمدي نجاد يقود بلدا، ينتظر أعداؤه أن يضع نفسَه على الرصيف الذي يريدونه بهذه الطريقة.

لقد أصبحت كل حيثيات ضرب إيران متوافرة، هذا إن لم يتدارك عقلاؤها الأمورَ في اللحظة الأخيرة، فالأوضاع الإيرانية الداخلية لم تكن مغرية للذين يريدون ضربها كما هي الآن، والعزلة التي استكملت بعد انضمام روسيا والصين والاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة وإسرائيل جعلت المترددين أكثر جرأةً للإقدام على خطوة كانوا يخشون الإقدام عليها قبل استكمال هذه العزلة، وإذا كان محمود أحمدي نجاد يراهن على تشافيز وباقي حلفائه المعروفين فإننا ندعوه إلى قراءة التاريخ القريب جيدا، إذ وقع صدام حسين ضحية الحسابات والقراءات الخاطئة، وكانت النتيجة أن العراق قد دفع الثمن الغالي والمكلف الذي دفعه، والذي لا يزال يدفعه، ويبدو أنه سيبقى يدفعه سنوات طويلة.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة