ستنقرضوووون!

نشر في 13-05-2010
آخر تحديث 13-05-2010 | 00:00
 إيمان علي البداح امتاز الإنسان الأول الذي اقتات على الجمع والالتقاط بقصر عمره، كونه كان عرضة للأمراض وقسوة الطبيعة ووحوشها، وفي يوم اقترب أحدهم من شجرة ليقطف من ثمارها فهاجت عليه المجموعة ومنعته من الاقتراب منها كونها شجرة «غريبة» لم ينصحهم آباؤهم بالاقتراب منها، ولكنه عاندهم وقطف من ثمارها واستساغها فأطعم منها أطفاله، واتضح أن تلك الثمرة غنية بالفيتامينات والمعادن التي ساعدته وعائلته بالنجاة من الوباء الذي اجتاح المنطقة.

وجلس يوما يراقب أبناءه يلعبون بقطع من الحطب، وإذا بشرارة تنطلق من احتكاك القطع ببعضها، فأعاد الحركة فاكتشف النار! وذهب فرحاً يبشر قومه باكتشافه ففاجأه رد فعلهم، إذ نبهه قومه أن النار من اختصاص الآلهة، ولا يجوز لنا إغضاب الآلهة من أجل نعمة الدفء الدنيوية، وفي تلك السنة اجتاحت المجموعة موجة برد قارسة لم ينجُ منها إلا هو ومن تبعه من «العصاة».

وفي يوم خرج وأبناءه لاستكشاف ما وراء حدود المجموعة رغم تحذير وترهيب الكثيرين، وبعد عدة أيام اكتشفوا أناسا آخرين بأشكال مختلفة ولسان غريب، ووقع ابنه بحب إحدى بنات هذه المجموعة الجديدة الغريبة وتزوجها، وعندما عاد إلى مجموعته ليعرفهم على زوجة ابنه الجديدة الغريبة طردوه وعائلته لأنه دنس «عرق» القبيلة بخلط دمائها النقية بدماء هؤلاء الأغراب، الذين لا يعرفون أصلهم وفصلهم ولا يعترفون بآلهتهم.

فصنع قاربا وخرج بعائلته ليجد لهم موطنا جديدا وسط ضحك واستهزاء المجموعة التي كانت على ثقة بأن القارب سيسقط بهم عند حافة سطح العالم إلى نار جهنم وبئس المصير.

بعد عشرات من السنوات أهلك المرض والبرد والوحوش المجموعة الأصلية التي تمسكت بموروثها، وحافظت على نقاء دمها، وأرضت آلهتها، في حين أن زميلنا المتمرد صنع مستعمرات كبيرة ومتألقة في بقعة قريبة من نفس الأرض.

هذه المسيرة المبسطة للتطور الإنساني خلاصة ما جاء في دراسة الناشيونال جيوغرافيك الصادرة في مارس الماضي، والتي تؤكد أن الأذكياء من الجنس البشري كانوا الأكثر قدرة على كسر العرف الاجتماعي، وأعلى مرونة في تقبل قيم وسلوكيات جديدة، وبالتالي هم في النهاية الأكثر حظوة في الترقي والتطور.

تذكرت هذا البحث وأنا أراقب «نخبة» المجتمع يتبادلون الشتائم والاتهامات حول الشبكة التجسسية بناء على خلاف توارثوه منذ قرون في الوقت الذي تحيط بنا الأخطار-كما الفرص- من كل جهة.

***

اعتراف: البحث المذكور سبق للأستاذ أحمد الصراف الإشارة إليه في مقالة «الليبرالية والذكاء البشري»... نعتذر له على هذه السرقة العلنية.

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top