«في كل الأحوال يبقى وجود إيران لا تخضع لإدارة عناصر راديكالية، يتبعون رؤى عالمية كبرى وسيناريو أقل إثارة للخوف من تلك القائمة حاليا حتى إن امتلكت إيران الجديدة سلاحا نوويا». هذا الكلام هو لواحد من عتاة المحافظين الجدد العامل في معهد كارنيغي للسلام (اقرأ للحرب) ورد في مقال له في الواشنطن بوست والذي يطالب فيه الرئيس أوباما بألا يجعل هذه الفرصة تذهب هدرا، «وهي الفرصة التي لا يجود بها الزمان إلا مرة واحدة على كل جيل...».

Ad

كما يقول مضيفا: «إن إسقاطاً أو حتى إصلاحاً كبيراً في ذلك النظام مرتبة فائقة الأهمية لا يتجاوزها سوى انهيار الاتحاد السوفييتي من حيث تداعياتها الإيديولوجية والجيوسياسية...»! والسبب في كل ذلك برأي روبرت كاغان هو: «حتى يتسنى للشعب الإيراني الاندماج الكامل في الاقتصاد والمجتمع الدوليين، وتحريره من المؤسسة الدينية الحاكمة في طهران التي تقود وترعى التعصب المناهض للديمقراطية والليبرالية والغرب على مدار العقود الثلاثة الماضية...».

إنه ليس جيداً فقط بل ممتازاً للغاية أن نسمع مثل هذا الكلام المباشر في وقاحته وجهله في آن معا من أحد عتاة الحرب الدوليين على أن نسمع كلاما مخادعا وزائفا من أحد أركان التيه الذي يلف إدارة أوباما بسبب انعدام الرؤية والإرادة لديها في مواجهة إرادة الصهيونية العالمية، التي لاتزال تتحكم بإدارة شؤون المجتمع الدولي المخطوف إرادته، رغم دعوات السلام والحوار الكاذبة والمخادعة.

لكن المثير للسخرية والشفقة معا هنا هو أن هذا الكلام يأتي في زمن تراجع فيه حتى هنتغتون في أواخر حياته وفوكاياما عن نظريتيهما الشهيرتين في صدام الحضارات ونهاية التار يخ.

من جهته فإن الرئيس محمود أحمدي نجاد بات مطمئنا ليس فقط إلى استقرار ولايته الثانية، بل إلى نظام الحكم الذي يمثله إلى الدرجة التي أعلن فيها أن طهران ستشهد في يوم الحادي عشر من فبراير هذا العام، حيث الذكرى الحادية والثلاثين للثورة الإسلامية، ما سماه بتشييع جنازة النظام الرأسمالي الليبرالي.

الأنكى من ذلك هو أن منظري «الإصلاحيين» الذين يراهن عليهم كاغان وأمثاله في إحداث التغيير المطلوب هم أنفسهم تراجعوا علناً، وبشكل محكم، عن كل نظرياتهم التغييرية السابقة بسبب قناعة ترسخت لديهم عبر تجارب العقود الثلاثة الماضية بأن كل ما كان لديهم من «بضاعة مزجاة» إنما كانت من الغرب الجاهل بمجتمعات الشرق، و«علومه» السطحية المتناقضة والمتضادة مع واقع شعوبهم، كما ورد بالتفصيل على أكثر من واحد منهم، وفي مقدمتهم المنظر الإصلاحي سعيد حجاريان.

أما الذين وردت أسماؤهم من أشباه المتعلمين والعاملين في خدمة مؤسسة كارنيغي ممن ذكرهم كارغان في مقالته كناصحين فإنهم، ومعهم كل من التحق بهم من «كبار» الأسماء التي قد يلجأ إليها هو أو أوباما في مهمة إسقاط نظام الحكم في طهران، لم يعودوا يصلحون حتى كأدلاء سياحيين لإيران الجديدة، فما بالك في نصح أوباما على طريق التغيير المرتجى لأميركا؟

* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني