يُزعَم أن ليون تروتسكي قال: "قد لا تكون مهتماً بالحرب، لكن الحرب مهتمة بك". توجّه باراك أوباما، عشية عيد الميلاد، في عطلة متأخرة إلى هاواي، وذلك بعد تخلّفه عن الموعد للإشراف على إقرار مجلس الشيوخ القانون الخاص بالصحة، لكن بسبب محاولة التفجير الفاشلة التي قام بها عمر فاروق عبدالمطلب يوم عيد الميلاد، عاد الرئيس إلى واشنطن هذا الأسبوع بالمزيد من الأولويات العاجلة لإصلاح نظام استخباراتي معطّل يقول إنه يعرض حياة الأميركيين للخطر، ولدحض مزاعم الجمهوريين بأنه لا "يفهم" الحرب على الإرهاب.  

Ad

وفي الخامس من يناير، خرج أوباما من اجتماعه مع فريقه الأمني، حيث كانت ملامح الغضب بادية على وجهه، ليقول إن تمكّن عبدالمطلب من الركوب على متن رحلة متجهة إلى ديترويت حاملاً في سرواله الداخلي قنبلة لا يُعزى إلى فشل في جمع المعلومات الاستخباراتية، فقد امتلكت الولايات المتحدة "ما يكفي من المعلومات" لكشف المؤامرة لكنها "فشلت في الربط بينها". على حد قوله، لم يكن ذلك مقبولاً، ولن يتساهل معه، وفي الاجتماع عينه، بدا غاضباً، منتقداً "إخفاقاً كان سيسبب كارثة".

كان أوباما قد أمر باتخاذ كم من الإجراءات الجديدة، ووعد بالمزيد، فجرى توسيع اللائحة التي تضم أسماء الممنوعين من السفر، التي لم يرد اسم عبدالمطلب فيها. هذا وسيخضع ركّاب قادمون من 14 بلداً لعمليات تفتيش إضافية، فضلاً عن ذلك، سيزداد عدد الفرق المسؤولة عن كشف المتفجرات في المطارات وكذلك عدد عناصر الضباط المسلّحين على متن الطائرات. هذا وعلّق أوباما الخطط الرامية إلى إعادة المزيد من المعتقلين في سجن غوانتنامو إلى اليمن، حيث هيّأ تنظيم "القاعدة" على ما يبدو عبدالمطلب لهذه المهمة، وذلك خوفاً من أن يلتحق البعض بالتنظيم أو ينضم إليه مجدداً.  

من غير المرجّح أن تُسكت مثل هذه الإجراءات من اعتبروا مخطط الميلاد دليلاً على أن أوباما لا يأخذ مسألة الإرهاب بما يكفي على محمل الجد. من جهته، اتّهم ديك تشيني أوباما برفض هذا الأخير الاعتراف بأن الولايات المتحدة تخوض حرباً لأن الحرب "لا تتلاءم" وهدفه الأساسي المتمثّل برأي نائب الرئيس السابق في تغيير وجه الولايات المتحدة الاجتماعي. فردّ عليه المسؤولون في إدارة أوباما بأن "سبع سنوات من الخطاب العدواني" الصادر عن إدارة جمهورية لم تنجح في الحد من خطر "القاعدة" (لكنهم توخّوا الحذر عبر الإشارة إلى أن أوباما غالباً ما كان يعلن أن الولايات المتحدة "تخوض حرباً" مع متطرفين متوحشين).

لا عجب أن الجمهوريين يريدون تصوير أوباما بأنه متساهل في مسألة الإرهاب،  فاستطلاع الرأي الذي أجريناه يشير إلى أن لديهم جمهورا جاهزا، إذ لم يساهم تغيير خطاب أوباما وسياسته إزاء الإرهاب في إشعار الأميركيين بالأمان، وعلى الرغم من تصعيد لهجة الإدارة الأميركية منذ الرد الفعل السيئ الحظ لوزيرة الداخلية الأميركية جانيت نابوليتانو، صاحبة مقولة "أثبت النظام فعاليته" عقب مخطط التفجير في عيد الميلاد، لاتزال بعض سياساته مثيرة جداً للجدل.

وعلى الرغم من تعليق أوباما مسألة إطلاق سراح المعتقلين وإعادتهم إلى اليمن، مثلاً، فإنه لايزال ينوي إغلاق سجن غوانتنامو في أقرب وقت ممكن، وقد أعرب معظم الجمهوريين مسبقاً عن غضبهم إزاء قراره بمحاكمة خليل شيخ محمد، العقل المدبر المفترض لاعتداءات الحادي عشر من سبتمبر الوحشية، في محكمة فدرالية. واليوم في الوقت الذي يُعامل فيه عبدالمطلب كمجرم يحق له التزام الصمت، عوضاً عن إخضاعه لاستجواب قاس باعتباره من المقاتلين المعادين، بات الجمهوريون يملكون ذخيرةً حديثة لاستهداف أوباما بها. في المقابل، استهزؤوا بجون برينان، كبير مستشاري الرئيس الأميركي لشؤون مكافحة الإرهاب، لقوله إن الانتحاري الذي فشل في مهّمته قد يفصح عن المعلومات السرية التي يعرفها لقاء صفقة التماس.   

في الوقت عينه، فجّر أحد العملاء الأردنيين المزدوجين في 30 ديسمبر نفسه ومدربيه من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية في إحدى القواعد في خوست، في أفغانستان. من ضمن الضحايا الثمانية أعضاء في الوكالة يديرون هجمات الطائرات الأميركية من دون طيار ضد أهداف "القاعدة" في باكستان. يُذكَر أن هذه الهجمات باتت أكثر تواتراً وفتكاً في عهد أوباما، وقد شكّل ذلك تذكيراً قاسياً  بأن "القاعدة" غنية بالموارد بقدر ما هي متوحشة، وأيضاً بأن أوباما، الرجل الذي يُفترض أن يصلح نظام الرعاية الصحية، هو رئيس حرب لم يثبت للأميركيين بعد بأنه قد يحقق نجاحاً في ذلك.