عقلاء الكويت والعراق
ما بين العراق والكويت عشرات الملفات التي ستفيد الإنسان في البلدين حتما إن تصدى العقل والمنطق لهما، ولأن مواقع الدول الجغرافية جامدة وتختلف عن السكن في شقة أو «فيلا» يمكن بيعها أو تركها، فإن الحوار يصبح قدرا، وتطويع تناقض المصالح يعد شيئا من الحكمة.أول العمود: لست مقتنعا بأن كاميرا وزارة الداخلية تقع تحت مظلة الحريات، لأنها غير سرية وفي مكان عام وهي بديل لوجود رجال الأمن الذين يفضلون المراقبة في غرف مكيفة... والوزارة مشكورة أقرت الاسم الشعبي للساحة في بيانها الرسمي وهذا يعني أن الأمن الكويتي صار برتقاليا!
***لاتوجد أزمة حالية بين الكويت والعراق، هذا جزء من حديث وكيل وزارة الخارجية خالد الجارالله في نظرته إلى المشهد الدائر بين البلدين، وهي نظرة فيها الكثير من الواقعية والصواب من عدة زوايا، فالتشنج العراقي لايزال في دائرته الحزبية وهمومه الانتخابية والمناطقية الضيقة، والعراق بلد كبير فيه من المتاريس القبلية والدينية والسياسية والفكرية ما لا تطيقه أوضاع بلد صغير وأكثر تماسكا كالكويت، ولذلك يجب أن يفهم ما يدور في العراق من لغط وتعابير وآراء عاطفية موجهة وربما مدفوع لها في هذا الإطار... بمعنى أن الكويت بتركيبتها تختلف تماما عن تركيبة العراق ولكل حالة نتائجها.وفي الواقع أن ما صدر على ألسنة عراقيين لم يصل إلى مستوى رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وهما المنصبان اللذان يتعامل معهما صانع القرار الخارجي الكويتي، وهما إلى حد الآن لم يتخذا أي موقف غير مشجع في ما يتعلق بمسألة القرارات الدولية.ليس هناك من داع لاتخاذ أي خطوة متشنجة تجاه بعض الآراء العراقية، فالكويت تقف على أرض قرارات دولية واضحة، وتعيش في وضع استراتيجي أفضل بكثير من سابقة عام 1990، ومن المطلوب شعبيا اتخاذ أقصى درجات ضبط النفس من قبل الصحافة وما يسطره بعض الكتاب الذين يستخدمون نفس نوعية الحبر العراقي في الكتابة والذي نحن في غنى عنه لأنه حبر قديم وباهت ومموه، وكذا بعض الفضائيات الخاصة التي تفتقد أقصى درجات المهنية ولا تستطيع من ناحية مادية وفنية أن تدير حوارا عقلانيا حول العلاقات الكويتية العراقية التي هي ليست بأعقد من علاقات الهند بالباكستان كمثال. وينسحب هذا المطلب على بعض النواب الذين يتلذذون بالصيد السهل ولا يفرقون بين تعاطف حفنة من الناخبين من وراء دغدغتهم بالمشاريع النقدية، وبين الدخول في موضوع شائك وحساس يتعلق بعلاقات دول.ما بين العراق والكويت عشرات الملفات التي ستفيد الإنسان في البلدين حتما إن تصدى العقل والمنطق لهما، ولأن مواقع الدول الجغرافية جامدة وتختلف عن السكن في شقة أو «فيلا» يمكن بيعها أو تركها، فإن الحوار يصبح قدرا، وتطويع تناقض المصالح يعد شيئا من الحكمة. الكويتيون اليوم يدفعون ثمن وضع غير مستقر فى بلد جار تتداخل فيه المصالح الدولية والإقليمية بشكل مأساوي، وعزاء الكويت دائما في الشرعية الدولية التي أخرجت الغازي من أرضها، وها هي اليوم تنعم بحقوقها كاملة في شكل قرارات واضحة وواجبة التطبيق.المطلوب من عقلاء العراق والكويت من سياسيين واقتصاديين واستراتيجيين أن يتصدوا للملفات العالقة التي يتحمل الطرفان مسؤولية تأخر حسمها لسنوات... وليستمر من يريد الغوغائية في طريقه، فالديمقراطية لها ضريبة لأنها النظام الأقل سوءا لحكم الناس. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء