إن التفكير الإيجابي في حل الأزمة بين العراق والكويت هو فوز للطرفين ونجاح لاقتصاد البلدين، ومتى ما استقرت الأوضاع اقتصاديا هدأت الأمور سياسيا داخليا وخارجيا، فنحن أمام فرصة تاريخية لإقفال هذا الملف المزعج وبناء علاقة مميزة على أسس جديدة، فهل من عقلاء؟

Ad

لعل علاقة الكويت بالعراق من أكبر هواجس الدبلوماسية الكويتية وأكثر علاقاتنا الخارجية حساسية، ورغم التاريخ الطويل (والمرير في أغلبه) من التعامل مع الجار العربي المسلم فإننا لم نراكم أي خبرات إيجابية أو نتعلم أي درس من التجارب المؤلمة.

والغريب والمؤسف أن التعامل العملي والموضوعي مع هذا الملف يمكن أن يخلق علاقة مميزة وبناءة ومفيدة لكلا الطرفين، ولكن عمق التاريخ و«الالتهاب» الطبيعي وغير الطبيعي في مشاعر الطرفين يشكل عائقا كبيرا في سبيل إغلاق هذا الملف ناهيك عن استثماره.

فها هي فكرة من أحدهم تقابل بتصريح ناري، فيعود الأول بالتهديد والوعيد وليواجهه الآخر بالصراخ والعويل، دون أي محاولة حقيقية لمجرد الإنصات أو أي تفكير جدي بحوار أو- لا سمح الله- بإيجاد حل وسطي مرضٍ للطرفين.

وكأن الأمر مسابقة في «الردحة» واستجداء تعاطف الرأي العام العالمي، وكأنما أي من الشعبين لم يأخذ كفايته من النزاع والحروب والخسائر... إلى متى يستمر هذا الوضع وهذا التوتر الذي يضر ولا ينفع؟

لو- ولو تفتح عمل الشيطان- كان هناك عقلاء في أي من الطرفين لرأوا ببساطة أن الكويت دولة غنية بخبراتها التجارية والفنية، وتمر حاليا- حالها حال كل دول العالم- بأزمة اقتصادية تؤثر جديا على دخلها وحتى مستقبلها، ولاستوعبوا أن العراق دولة خرجت للتو من حرب مريرة وعقود من العزلة الاقتصادية والسياسية، وهي في مرحلة تاريخية حرجة تستوجب إعادة البناء والتنمية.

بين الكويت وخبراتها والعراق وفرصه مجال رحب للتعاون المثمر، بحيث يحقق العراق البناء والنمو الذي يصبو إليه بخبرات الكويتيين وتوظيف رؤوس أموالهم في التعمير والاستثمار والتصنيع، وبذلك تستعيد الكويت تعويضاتها المستحقة لمصلحة العراق لا على حسابه.

إن التفكير الإيجابي في حل هذه الأزمة فوز للطرفين ونجاح لاقتصاد البلدين، ومتى ما استقرت الأوضاع اقتصاديا هدأت الأمور سياسيا داخليا وخارجيا، فنحن أمام فرصة تاريخية لإقفال هذا الملف المزعج وبناء علاقة مميزة على أسس جديدة، فهل من عقلاء؟