لماذا الإصرار على إثارة قضية ازدواجية الجنسية من جانب والدفاع عنها من جانب آخر عبر تهييج الشارع؟ ولماذا يدخل بعض أبناء الأسرة على خط المواجهة مع هذا الملف من جهة بينما يتصدى له البعض الآخر من جهة أخرى عن طريق إلقاء قطعة حجر في الماء ثم الوقوف موقف المتفرج على الموجات الدائرية وهي تمتد وتكبر؟ ولماذا اللجوء إلى وسائل الإعلام لطرح هذا الموضوع بعيداً عن أروقة القانون والقنوات الرسمية من جانب وإقامة الندوات الجماهيرية للرد على ذلك من جانب آخر؟ ولماذا ربط ملف الازدواجية لضرب الولاء الوطني لفئة من المجتمع من جهة واستغلال بعض من وجهت لهم هذه التهمة من جهة أخرى لضرب ولاء فئة أخرى لتشمل تهم التشكيك والتخوين انعكاسات الصراع الإقليمي في المنطقة؟ هذه جملة من الأسئلة قد تكشف الإجابة عنها الحالة المأساوية التي تعيشها الكويت كدولة وشعب ونسيج اجتماعي في ظل ترتيبات مقصودة ولربما منظمة إما لتصفية حسابات وإما لركوب موجة الاصطفافات المتعددة أو حتى التمهيد لخطوات سياسية أكبر.
فقانون الجنسية الكويتية واضح وضوح الشمس في عدم السماح للجمع بين جنسيتين مختلفتين، وإجراءات معالجة هذا النوع من الخلل متاحة، بل مفعلة ليس الآن، إنما منذ منتصف الستينيات حتى الأمس القريب، فهناك العديد من الأسر والأفراد تم إسقاط جنسيتهم الكويتية أو سحبها من دون أي ضجة إعلامية ومازالوا يعيشون على أرض الكويت، ولو تحت أسوأ الظروف الحياتية حتى تحولت حياة معظمهم إلى جحيم لا يطاق.وإذا كانت الأجهزة الحكومية تمتلك المعلومات والبيانات والمستندات فهي المسؤولة عن اتخاذ القرار المناسب، وإذا كان الأفراد وبدافع الغيرة الوطنية والمسؤولية التاريخية يمتلكون مثل هذه الأدلة فعليهم تقديمها إلى جهات الاختصاص أو النيابة العامة وهي سلطة قضائية محايدة، وليس عبر القنوات الفضائية وصفحات الجرائد ومنتديات الإنترنت.إن مثل هذه الممارسات من شأنها، وكما نرى على أرض الواقع، تعبئة فئات المجتمع ضد بعضهم بعضا، وزرع بذور التشكيك والكراهية، وخلق الاستقطابات بكل أشكالها وأنواعها، ومن المؤكد أن الخاسر الوحيد من هذه المعركة الإعلامية المصطنعة هي الوحدة الوطنية المسكينة والمغلوب على أمرها، والكل يدرك خصوصا من يحرك ماكينة هذا الملف إعلامياً أن قضية المزدوجين لا يمكن أن تواجه بهذا الأسلوب، ولكن النفخ فيها بين فترة وأخرى لا يولد سوى الفزعة مقابل الفزعة المضادة، وفي كل طرف يظهر لنا أبطال ورجال مرحلة فقط، وليستمر التوتر والاحتقان في ظل التخندق الفئوي والمناطقي والمذهبي.ويجب على الحكومة وجهات الاختصاص الرسمية إعلان موقف صريح وواضح من هذه القضية وحسمها بالطرق القانونية الصحيحة، وعدم ترك هذا الملف كبسطة في سوق الخضرة يصيح عليها سماسرة بـ«جم أقول»!وأشك في أن الحكومة لديها الجرأة والقدرة على إغلاق هذا الملف لمنع بروز ملفات الازدواجية الأخرى، كالازدواجية في الإخلاص في العمل، وازدواجية معايير اختيار الكفاءات في تولي الوظائف القيادية والإشرافية، وازدواجية المواقف في القضايا الدستورية، وازدواجية تطبيق القانون على الفقير والغني، وازدواجية تقديم الخدمات العامة للمواطنين، وازدواجية ترسية المناقصات والعقود المليونية، فهذا الملف المتورم من صور الازدواجية لا يقل خطورة عن ازدواجية الجنسية والولاء الوطني، إذ تشترك كلها في أخذ الحقوق في غير موقعها وهدر ثروات البلد ونخر وحدته وتماسكه من الداخل!! كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة
مقالات
ازدواجية... بـ جم أقول!
13-04-2010