آمال شياطين الخير (1)
![محمد الوشيحي](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1579110147954926500/1579110167000/1280x960.jpg)
كذلك أديبنا وأريبنا نحن العرب، الذي خَيْرُنا من لحم أفكاره، أبو الفرج الأصفهاني، ونعم الشارب، نراه ينجز تحفته "كتاب الأغاني" في خمسين سنة، وهو كتاب لايزال الأفضل في مجاله رغم مرور ألف عام على تأليفه. وقد هاجمه متسلقو الدين ومقبّلو أكتاف السلاطين، وافتروا عليه، لكن كتبهم تلاشت وتطايرت وأكلتها الغنم الضأن، بينما يحتل "كتاب الأغاني" أوسط المجلس بلباسه الفاخر، يتناول القهوة بزهو وشموخ، كما شيخ قبيلة في المسلسلات الأردنية. وتستمر الأجيال تتمايل طرباً وهي تتصفح كتاب الأغاني الذي لا يقبل أن يشيخ. على أن أشهر من أرهق شياطين فكره وبهدلها وخلّاها تلعن الساعة هو الأديب المهيب الركن "بلزاك"، (1799 – 1850) الساحر الفرنسي الماهر، هرم الأدب الروائي العالمي. الذي كان يكتب بمعدل أربع عشرة ساعة في اليوم، ويتناول القهوة أربع عشرة ساعة في اليوم أيضاً، يتخلل ذلك مشي على الأقدام في الحديقة المجاورة بما لا يربو على نصف ساعة. وقد جاء موته بسبب إفراطه في تناول القهوة. وقال عنه الأديبان المصريان، أنيس منصور والراحل رجاء النقاش، إنه كان يتناول القهوة بالمغرفة! كل هذا بحثاً عن المال، ويشجعه شغف الجماهير التي تنتظر إنتاجه على أحر من الجمر، في حين تتكدس كتب بعض المتسللين إلى الأدب في الأسواق، لا تجد من يعطف عليها بنظرة. وهذه هي طبيعة الأشياء، فكاتب تتخاطف الأيدي والأعين ما يكتب، وكاتب لا تتخاطف كتبَه إلا أيدي أمه وجارتها من الناحية الشرقية. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء