قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الدين النصيحة، قلنا: لمن يا رسول الله، قال: لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين وعامّتهم».

Ad

الفرد السوي يحاول من خلال حياته إيجاد فرص لنفسه لكي يعيش بشكل متزن يضمن من خلاله ممارسة حياته بلا مشاكل، وهذا لا يحدث إلا إذا كان الإنسان متوافقا توافقا نفسيا، لكن البعض تراه ناقما على محيطه الاجتماعي، فتراه مشتتا يبحث عن الشهرة ضمن فلسفة «خالف تعرف» دون أن يدرك ذلك، فترى قيمه تتحول من أقصى اليمين إلى أقصى الشمال.

طبعا ستجد هذا الانعزالي في حياته يرفض مجتمعه وبيئته ليظهر كبته بطريقة سيريالية يرسم خطوطها على جدار الوطن، غير مكترث لأنه الملهم، فدوما يجد المبرر لنفسه بأنه مازال مهما، وأن المجتمع هو من يركض وراءه، وهو المنقذ له بأفكاره وحلوله السحرية التي سقاها بكفاحه، ودفع ثمنها أجمل أيام حياته، وكأنه نيلسون مانديلا أو مهاتير غاندي.

هؤلاء الناقمون عندنا جمعتهم سلسلة من الأفكار الجهنمية عنوانها الكبير ضرب مكونات الوحدة الوطنية: «سنة، شيعة، بدو، حضر، شيوخ، تجار، داخل خارج السور»، حيث امتهنوا فيها توزيع صكوك الولاء على فئة دون غيرها، وإن تنوعت تلك الفئة، ليتفننوا في إبقاء نار الفتنة لطبخ مخططهم الإجرامي.

فهم قد غسلوا أيديهم من الشعب الكويتي لأنه شعب ميت يصعب فهمه، فهل هناك حراك من الشعب الكويتي أكثر؟ أفيدونا... إلا إذا كانت طالبان أو ميليشيات العراق هما من يمثل الحراك الذي تسعون إليه، فإن كان هذا ما تسعون إليه فتبت أيديكم وأفواهكم!! فسكوتكم أغلى من الذهب.

مهما وصل سقف الحرية في أي دولة من العالم تجدها ناقصة والأمثلة كثيرة، فانظر وقلب النظر مرات ومرات في العالم الفسيح، ثم خبر نفسك: هل نراك تشد الرحال من غير رجعة؟ لا أظنك فاعلا ليس لأنك «غاسل إيدك» بل لأنها الكويت بلد الخير والحريات.

لقد عشنا في العالم المتحضر وتذوقنا كل ما فيه من تكنولوجيا أغنتنا عن المراجعات والوقوف في طوابير الانتظار، إلا أننا لم نشعر بحلاوة تلك الدول، ولم نطر وراء «الهايدبارك» ولا هتافات البيت الأبيض، والفرق يا حبيبي أن حريتهم لا أمان فيها، وإلا بماذا تفسر تلك الأحياء المعدومة من أبسط قواعد الأمان، حيث انتشار الجريمة والفقر والعنصرية تمزق مواطنيهم؟! فهل مازلت ترغب بشد الرحال إلى حيث يعيش المعدمون لتبدأ رحلة نضالك؟ أم ستتجه إلى ضواحي الأغنياء؟! لكي تكون منطقيا ومتناغما مع نفسك ولو لمرة أفصح عما جمعت من مال، ثم أجب: هل كانت الكويت مصدره؟

البعض لا ينظر إلى أبعد من أنفه، فهو غير مكترث بمتطلبات التدرج والتطور الاجتماعي واعتبارات اللحمة الوطنية، راميا فشله على الآخرين، وليبرئ ذمته اقتبس من ذكريات الماضي مثالا فيه من السخرية أكثر من استنهاض الهمم، وهو تقبيل الأنوف (بوس الخشوم) لذا «غسل إيده» (يا عيني على مفكري ونخبة المجتمع)، بل زاد ثقافتنا بتسمية جديدة (صحراوي)، ولا أدري لماذا هذا الربط بين البوس والصحراوي.

على كل التقبيل ليس له علاقة بالخضوع ولكنها طريقة ترحيب يفعلها خليجنا من أقصاه إلي أدناه، فإن سرنا على قاعدتك فكل من يقبل الأنوف صحراوي.

اعرف الحق تعرف أهله، والدين النصيحة بشرطها وشروطها، لا تجريح ولا تهميش ولا خداع، فلا تلبس الباطل ثوب الحق ولا تذهب أبعد مما ذهبت فالحق أحق أن يتبع.

ودمتم سالمين.