اطردوا السفير الإيراني
لا نملك إلا أن نحيي النائب الفذ محمد هايف الذي لابد أن يكون له "في كل عرس قرص" وفي كل ورقة بصمة، لمسارعته بالمطالبة بطرد السفير الإيراني في الكويت وسحب السفير الكويتي في طهران كرد فعل على اكتشاف خلية التجسس، بهذا الموقف أثبت أبو هايف أنه صوت الشعب ولسانه الناطق وضميره اليقظ، وأنه في القضايا الوطنية دائماً في مقدمة الصفوف شاهراً السيوف منادياً للحتوف.ولأن الأمر عند "بوهايف" واضح كالشمس في رابعة النهار، ولا يحتمل التأني أو التسويف، حتى لو لم تصرح الحكومة أو الأجهزة الأمنية بما لديها من معطيات عن الموضوع، لأنه بما يملك من معلومات يعرف أكثر مما تعرفه الحكومة. وحتى لا نبخس الناس حقوقهم ولا نزيلهم عن مراتبهم وندّعي أن النائب محمد هايف هو الوحيد الذي سطر موقفاً وطنياً مستقيماً من هذا الموضوع، فإن علينا القول إن النواب وليد الطبطبائي وجمعان الحربش وفلاح الصواغ لم يقصروا في تسجيل موقف وطني مشرف، ولم يتوانوا عن التصدي لكل منحرف، منددين بالدور الإيراني في التجسس على دول الخليج، في حين تخاذل وتقاعس بقية النواب عن ذلك ونكصوا على أعقابهم.
من الواضح أن خبر شبكة التجسس نزل على بعض النواب كمائدة من السماء، فكانت عيداً لأولهم وآخرهم، لأن الموقف من إيران معلوم وضرورة الحذر منها محسوم، دون مراعاة لمصالح الدولة العليا وحساسية القضية وحرص الأجهزة الأمنية على سرية التحقيق، وتبع النواب في مسلسل قرع طبول الحرب العديد من كتاب الصحافة الذين ظهروا كما المريض الذي يعاني تسمماً غذائياً يقطِّع أمعاءه، ولابد أن يقوم بعملية استفراغ أو غسيل معدة لكي يرتاح مما يعاني، ولأن التسمم ساد والألم حاد فإن عملية الاستفراغ هذه لم تخل من غمز ولمز عن كويتيين "موالين" لإيران، وكأنه كلما "دق الكوز بالجرة"- كما يقول المثل اللبناني- لابد من التلميح أو التصريح عن وجود ميول ولاء مشبوهة في دماء هؤلاء المواطنين، وعليه لابد من عمل تحليل دوري لهؤلاء المواطنين للتأكد من أن كريات الدم البيضاء والحمراء لديهم ليست لديها ميول خارجية أو نوايا عدوانية.ولكي يظهر البعض وطنيته ومستواه الراقي في الكتابة ويبدي مكنونات نفسه راح يسب ويلعن ويوجه الاتهامات يميناً وشمالاً ويتلفظ بألفاظ لا يتفوه بها حتى أولاد الشوارع، والعتب في ذلك ليس على الكاتب لأن "كل إناء بما فيه ينضح"، ولكن العتب على رئيس تحرير الصحيفة التي يكتب فيها لسماحه بنشر هذه البذاءات. لولا مسارعة النائب العام بمنع نشر أي أخبار عن الشبكة، وتنادي بعض العقلاء والحكماء من النواب والكتاب لتحجيم الاندفاع الهستيري في توجيه الاتهامات وتوزيع الولاءات لوصلنا إلى مرحلة "تأبين" جديد، فهناك دائماً في مجتمعنا من هو مستعد أن يلعب دور شمشون الجبار بحيث يحرق المعبد على من فيه لمجرد أن يصفي حساباته مع هذه الجهة أو تلك.المفارقة المضحكة المبكية أن من يمزق جسد الوحدة الوطنية ويذبحها من الوريد إلى الوريد بسكاكين تصريحاته يعود ليذرف دموع التماسيح على قبر المسكينة "الوحدة الوطنية" ويسير في موكب المعزين والنادبين عليها والطالبين بثأرها. رحماك ربي بهذا الوطن من بعض أبنائه السفهاء والحمقى الذين في قلوبهم مرض، فهم أشبه ما يكونون بعاقري ناقة صالح.