أول العمود: عندما يقوم أحدنا بفعل شيء صحيح يقال له ما قمت به "عين العقل"... وتراجع إيران عن إرسال سفينة إغاثة إلى غزة هو "عين السياسة".

Ad

***

لو سألنا عاقلا من أي ديانة كان: ما هدف الدين؟ لأجاب باختصار: خلق السلام الداخلي للإنسان وتوظيفه لخدمة من يتعامل معهم من بشر وحيوان ونبات وجماد. لن أتطرق هنا للمشادات النيابية التي حدثت في قاعة عبدالله السالم حول أسئلة اختبار الصف التاسع لمادة التربية الإسلامية، لكن من المهم مناقشة طبيعة هذه الأسئلة في مؤسسة نسلم لها أولادنا صباح كل يوم.

 سؤالا سب الصحابة، ودعاء أصحاب القبور يعتبران من الأسئلة الشاذة والمستغربة، ولا عذر لموجه التربية الإسلامية بالقول إن ورود هذه الأسئلة هو لكونها موجودة في المنهج، لأنه ببساطة يجب أن تزال منه، فالغرض من التربية الإسلامية "دققوا في المسمى، التربية أولا" هو تعريف الطالب في سن غضة بروح الدين الذي يبني التسامح والمحبة بين الناس بكل أديانهم وطوائفهم في دولة مدنية حديثة.

 لن نخوض في نوايا وزيرة التربية باجتماعها مع المسؤولين حول الأسئلة إياها، ومن المؤسف أننا لا نحرك ساكنا إلا إذا صرخ بعضنا، لكنني أطرح هذه الملاحظات مباشرة إلى الفاضلة  د. موضي الحمود التي نتوسم بها خيرا دوما، فالمطلوب من الوزيرة الأمر بإجراء دراسة شاملة لمحتويات كتب الدين واللغة العربية لإزالة الأفكار السلبية التي تتضمنها حول دور المرأة وعلاقة المسلمين باتباع الديانات الأخرى، ومن المهم هنا وضع معايير صارمة لمن توكل لهم مهمة تأليف المناهج، وألا تقتصر عضوية اللجان على التربويين فقط، بل يجب أن تضم ممثلي جميع مؤسسات الدولة والجمعيات الأهلية والخبراء في الاقتصاد والاجتماع وعلم النفس، وذلك بإشراف من مربي الوزارة حتى نحصل على مناهج تعكس النظرة الشمولية التي نريدها لأبنائنا.

لماذا نعترض على الأسئلة المذكورة؟ لأنها بكل بساطة تحفز الطلبة على البحث عمن يقوم بسب الصحابة، والأصل أن يتعلم الطلبة البعد عن سلوك الشتم لأي كان، ونقف عند هذا الحد، وينسحب هذا المبدأ على سؤال زيارة القبور، فالواجب تعريف الطلبة على ما تواتر لنا منها من سلوك، ونقف عند هذا الحد.

 المعنى مما سبق أن الدروس يجب أن تتعرض للمبادئ العامة للدين والثقافة الإسلامية، ويجب أن يضع الموجهون التربويون في أذهانهم أن الدين حمال أوجه، وعقول الطلبة لا تتحمل كثيرا مما جاء في ديننا، ويجب أن يعوا أننا نعيش في دولة تضم أكثر من 120 جنسية، ومن بين مواطنيها كويتيون مسيحيون والمسلمون أنفسهم طوائف.

 وليسمح لنا مؤلفو المنهج بالقول إن أسئلتكم هي من نوع الضرب من تحت الطاولة، والتحفيز على الكراهية، ونتمنى إزالتها وصياغتها بما يفيد تهذيب السلوك، إذ يجب أن يتعلم الطلبة أن الدين الإسلامي دين جامع يعترف بما سبقه من أديان، وهو دين يستوعب متناقضات البشر، ويحث على المحبة، ويشجع التعايش السلمي، ويعين على العلم، وينادي بالمدنية والتحديث، وإلا كيف يمكن لطلبتنا أن يستوعبوا هذه البغضاء في مناهجهم مع ما تقوم به جهات الخير في الكويت من إغاثة لبشر لا دين لهم في غابات إفريقيا؟!

نتمنى، كما نشرت الصحافة أخيرا، أن الوزارة عازمة على تغيير مناهج التربية الإسلامية واللغة العربية، ولندع الصحابة الكرام آمنين في قبورهم، ولنتفرغ لتوفير الكهرباء للآمنين في مناطق الكويت.