بغداد ضحية الموساد و بلاك ووتر واتهام سورية زوبعة في فنجان

نشر في 03-09-2009
آخر تحديث 03-09-2009 | 00:00
 محمد صادق الحسيني ثمة معلومات متواترة تصل إلى العاصمة الإيرانية تباعا بأن من يقف وراء التفجيرات الإرهابية الأخيرة في بغداد وسائر مدن العراق الحبيب، إنما هي خلايا مزروعة من جانب منظمة بلاك ووتر الأمنية الأميركية الشهيرة، وبالتعاون والتنسيق مع أجهزة استخبارات أميركية وإقليمية معادية لسورية وإيران بينها أجهزة تابعة لدول تحرض على إيران وسورية وأخطرها جهاز الموساد، استطاعت على ما يبدو اختراق تنظيمات «القاعدة» وغيرها من التنظيمات الميليشياوية الناشطة في العراق.  وكما يبدو فإن التفاوض مع كل من سورية وإيران «تحت النار» وتحت ضغط الانفجارت والمفخخات المشبوهة والعمليات السرية الناعمة هو عنوان المرحلة الجديدة الذي اختارته إدارة أوباما في التعامل مع محور الممانعة وخط المقاومة السوري الإيراني لمشروع واشنطن البوشي المنزوع الأسنان، الذي أوكل إلى هذه الإدارة التي باتت مستنزفة صهيونيا على ما يبدو.

هذه هي حقيقة خلفية الاتهامات الظالمة التي تتفجر ضد سورية «عراقيا» اليوم، والتي يتوقع أن تمتد آثارها نحو طهران أيضا في إطار توزيع الأدوار بين ما عرف عنها بالقوى المتعاقدة مع الاحتلال في العراق، في محاولة لتوريط حكومة المالكي أو من يخلفها في أزمات دبلوماسية وهمية مع الجارين الشقيقين للعراق، والهدف المضمر هو منع إقامة مشروع التحالف الرباعي الاستراتيجي الذي دعا إليه الرئيس بشار الأسد في زيارته الأخيرة إلى طهران، والذي يفترض أن يضم إلى جانب دمشق وطهران كلا من بغداد وأنقرة أيضا. فبعد فشلهم الذريع في استدراج كل من سورية وإيران إلى مخطط «التطويع الشامل» الذي تعد له إدارة أوباما مع بعض ما صار يعرف بعرب الاعتدال، قررت بقايا العهد البوشي في المؤسسة الأميركية وبعض خلاياها التائهة في المنطقة إعلان الحرب الاستخباراتية والدعائية ضد كل من دمشق وطهران في محاولة يائسة لكسر شوكتهما.

ومخطط التطويع الشامل للمنطقة لمن لم ينتبه بعد بات يتلخص في ثلاث نقاط:

الأولى: محاولة فرض التطبيع القسري الرسمي بين بلدان العالمين العربي والإسلامي وحكومة العدو الصهيوني تحت وابل من الدعايات الزائفة والتافهة حول ما يسمى بتجميد الاستيطان.

الثانية: محاولة فرض التوطين القسري للفلسطينيين في أقطار الشتات العربي والمهجر، ولو أدى ذلك إلى إعادة تفجير المنطقة برمتها.

الثالثة: تثبيت يهودية الكيان الصهيوني وفرضه أمرا واقعا في الخارطة الإقليمية من خلال الترويج والتهويل بالترانسفير الفلسطيني من أراضي الـ48 وفرضه على دول الطوق كحد أعلى، ومن ثم الوصول إلى هدف المنع القسري لممارسة حق العودة الفلسطيني كحد أدنى لهذا المخطط المشؤوم.

وقصة بطانة الاحتلال في العراق التي تضم أناسا من كل الطوائف والاتجاهات، تماما كما هي قصة أصحاب «الانتداب الديمقراطي» للبنان، والتي تضم أناسا من كل الطوائف أيضا لم تعد خافية على أحد، ومدى ارتباطاتها المشبوهة مع قوى إقليمية باتت معروفة للجميع.  تماما كما باتت معروفة أيضا تلك الرموز التي تشرف وتمول منظمات أمنية في طليعتها منظمة بلاك ووتر الشهيرة، وبالتعاون مع أجهزة الاستخبارات الأميركية التي كشف سايمور هيرش عن مخططها الشهير في الإعداد لفرق الموت والتفجيرات والاغتيالات تحت أسماء محلية عبر الاختراق المحنك والمحكم للتنظيمات والقوى والأحزاب الفئوية والطائفية والهدف الغائي من كل ذلك دائما هو منع استقرار عراق عربي مسلم دون احتلال. وإذا ما استذكرنا خبر زيارة المالكي المهمة إلى سورية وإعلانه برنامج تعاون استراتيجي أمني مع دمشق عشية الزيارة المهمة للرئيس بشار الأسد واقتراحه المهم بإيجاد التحالف الرباعي الآنف الذكر، عندها نفهم تماما أهمية توقيت التفجير الأمني الداخلي أولا، ومن ثم التفجير الدبلوماسي مع سورية الشقيقة ثانيا. ذلك لأن دور القوى والرموز العراقية المعروفة بتسمية القوى المتعاقدة مع الاحتلال والتي لا تنتمي في الواقع إلى النسيج العراقي الوطني والشعبي، إنما أوكلت إليها اليوم مهمة جديدة على ما يبدو، ألا وهي منع التحام عراق المستقبل المستقل عن إرادة أميركا مع جارتيه الشقيقتين سورية وإيران. لكن العارفين ببواطن الأمور وتضاريس الصراعات الداخلية حول مستقبل الحكم في بغداد يؤكدون أن هذه القوى الهامشية ورغم التصاقها بالسلطة اليوم فإنها في طريقها إلى الضمور والانحلال مع الأيام، وأنها مهما رفعت من عقيرتها اليوم مرة ضد دمشق وأخرى ضد طهران فإنها لن تتمكن من تحديد مستقبل العراق العربي المسلم المستقل عن إرادة أميركا عاجلا أم آجلا.  ويؤكد مطلعون أن هذه الهمروجة الإعلامية والدعائية التي ترعاها بقايا العهد البوشي في بغداد لن تصمد طويلا، ولا تعدو أكثر من كونها زوبعة في فنجان، الهدف الحقيقي من ورائها هو محاولة تثبيت موقع ما لهذه القوى الهامشية في خريطة العراق الجديد، الذي تعلم قواه الحقيقية ألا مكان له في خريطة المنطقة، ولا دور له إلا في أحضان أهله ومحبيه وجيرانه الذين يحرصون على تعافيه اليوم من أوثان الاحتلال، تماما كما كانوا يحرصون عليه بالأمس القريب من أدران الاستبداد والظلم. وسورية العروبة وإيران الإسلام اللتان كان لهما الفضل ولايزال على كل خلية نظيفة وطاهرة من عراق الأمس الذي كان يترعرع في ربوع الشام وبلاد فارس، لن تتركا لزمرة المتعاقدين مع الاحتلال وبطانته الحاقدة أن تجر العراق إلى المجهول. أخيرا وليس آخرا فإن كل متتبع فطن لما يجري من تطورات وتحركات أمنية خطيرة ومشبوهة في المربع الكردي الذي يضم في حوزته أراضي من العراق وإيران وتركيا وسورية يعرف تماما مدى الانزعاج بل الغيظ الذي يمكن أن تحمله المؤسسة الصهيونية العالمية وأي إدارة أميركية متأثرة بها، مما يعد من تحالف رباعي ضروري لهذه المنطقة، والذي هو وحده الكفيل بتأمين الاستقرار والأمن الإقليميين والعدالة للقضية الكردية، وليس تلاعب قوى الموساد وانتشارها الأخطبوطي ورعايتها للإرهاب المنظم ضد دول الجوار العراقي انطلاقا من شمال العراق الحبيب كما هو حاصل اليوم وبدعم من واشنطن. 

 الأمين العام لمنتدى الحوار العربي - الإيراني

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top