منذ متى كانت المعارضة داخل البرلمان أغلبية حتى نقول إن الوقت حان للعودة إلى صناديق الاقتراع؟ وفي أي مجلس من مجالس الستينيات أو السبعينيات كان الدكتور أحمد الخطيب يترأس مناصفة مع العم جاسم القطامي حكومة ظل، لقد كانت المعارضة التقليدية طوال تاريخها لا تتعدى العشرة أعضاء من نفس التوجهات، ولكن تأثيرها داخل المجلس وخارجه يوازي أضعاف عدد نوابها لأن جذورهم في وعي الناس وقلوبهم أكثر حضوراً من حضور الحكومة رغم تفردها بالساحة، كما كسبت معارضة زمان باتزانها وعفاف لسانها نواباً مستقلين وجدوا أنهم سيخدمون الكويت ونظامها الديمقراطي بمساندتهم لنواب المعارضة الوطنية الديمقراطية.
منذ متى واليأس من نواب الحكومة كان سبباً للدعوة إلى حل مجلس الأمة وترك الناس يختارون «طقماً» جديداً من المعارضة؟ وقد مرت علينا من قبل «مجالس السوداء» فهل اليوم فقط، عندما فقد التكتل الشعبي والنائب مسلم البراك تحديداً قدرته على التغيير الحاسم في مجريات العملية السياسية أصبح من الضروري أن تجرى الانتخابات قبل موعدها بثلاث سنوات؟هذه هي الحقيقة، فقد ولت أيام «التخريع الشعبي» لحكومة الشيخ ناصر المحمد في مجلس 2009، وراحت أيام صرخات البراك التي أقصت الوزير بدر الحميضي من وزارة النفط بعد أسبوع من أدائه لليمين الدستورية، وطيرت حكومات، وأغرقت وزراء، والسؤال هو لماذا؟ وما السبب؟الجواب بسيط فقد استنفدت سياسة «يا أبيض يا أسود» أرصدة التكتل الشعبي بدءاً من الغلطة الكبرى بفصل مجموعة من أعضائه على خلفية قضية التـأبين وفقدانها لميزة تمثيل أطياف المجتمع كافة، أما الخطأ الثاني فتمثل في عدم قراءة «الشعبي» لتوجهات نواب المجلس الحالي و»استذباحهم» للإبقاء عليه مهماً، خصوصاً النواب الجدد وبعض القدامى ولعل اختبار استجواب وزير الداخلية الأول كان كافياً لتغيير تكتيك التعامل مع الحكومة وتركها تغرق بقدراتها، ولكن هيهات إذ انغمس «الشعبي» مجدداً في لعبة «الاستجوابات الفاست فود» وآخرها استجواب أم الهيمان الذي خرج بغضب وعولج بغضب وسينتهي أيضا بغضب. الخطأ الثالث للتكتل الشعبي يتمثل في لغة خطابه الحادة الموجهة إلى النواب والحكومة، وكل من لا يسير على سرعته وهواه، مع أن تصويتات النواب اختلفت في كل الاستجوابات والقضايا المهمة، وحتى رأس «الشعبي» النائب أحمد السعدون وقف مع قانون الخصخصة بخلاف بقية أعضاء التكتل الذي يجب أن يتعلم من هذه التجربة أن الخلاف في العمل السياسي لا يعني دوما الخيانة أو التخاذل.في الختام أعلم جيداً أن مسعاي سيفشل ولكني سأناشد التكتل الشعبي تأجيل استجواب أم الهيمان ليس لأني «انبطاحي» لا سمح الله، ولكن لأن الاستجواب السابع سيزيد من قوة هذه الحكومة الضعيفة لافتقاره إلى منطق إمكان حل قضية التلوث خلال عشرة أيام! وهو ما سيوقع بيد الحكومة ولأول مرة حجة تواجه بها الناس، ولو فشل هذا الاستجواب فستتوقف كل الإجراءات التي تتخذ حاليا ضد المصانع المخالفة، وهو ما يعني خسارة «بالدبل».الفقرة الأخيرة: تخيلوا «باص» يسير بسرعة 120 كلم لا يخفض سرعته للمطبات ولا يرده دوار أو حتى شجرة، ما مصيره؟ مخالفات مرورية بعدد شعر الرأس وأضرار جسيمة في كل مكان وإحالة مبكرة لمقبرة الخردة... هذه هي حال تجمع قوى (11/11) لم يكملوا السنة حتى انهاروا.
مقالات
الاغلبية الصامتة : الاستجواب السابع... طقوا بريك
27-05-2010