استجواب المناعة يا شيخ
تاريخ الاستجوابات المقدمة إلى وزراء الإعلام لا يبشر بالخير، فغالبا ما يكسب المستجوِب وتنتهي المساءلة النيابية باستقالة الوزير، وأحيانا الحكومة، وكأنه قدر محتوم.هذه الوزارة على الرغم من أنها من مخلفات الأبيض والأسود أيام القطب الواحد فإن الحكومة مصرة على إبقائها ضمن الصفوف الأولى في عملها الحكومي، ومع إعلان نيتها المتكررة في تفكيكها وتحويلها إلى القطاع الخاص تارة وإلى مؤسسة أو هيئة تارة أخرى، إلا أن أياً من الأمرين لم يحدث.
استجواب الإعلام لن يكون الأخير في مسلسل الإثارة الذي لن يمنعه سور الصين العظيم لعدة أسباب: منها اعتقاد أطراف النزاع بإمكانية إسقاط حكومة الشيخ ناصر المحمد بإجهاده بحروب جانبية مستمرة، أو من منطلق إثبات الوجود وتعلمها من أخطاء الاستجوابات الماضية لضحالة موادها وعدم التفاف الشارع حولها، وفي المقابل تجد المناورة أسهل هذه المرة لخصوصية وطبيعة عمل الوزارة، كون مادته مثل كرة الطاولة «تطقها وترد عليك» أو كضائع في ليلة ظلماء يلف مكانه، ولذلك «الإعلام» أحجية الاستجوابات فعلا. صحيح أنه بعد استجواب الرئيس سقطت الرهبة والبهرجة باعتبار أن صعود المنصة بهدف الإصلاح أو توضيح الحقيقة هو الأصل وليس شخص الوزير، لكن سخونة الملف الإعلامي وما حملته الفترة الماضية من نفس بغيض وضرب للوحدة الوطنية لا يمكن حله بإسقاط الثقة أو إعادتها بشخص الوزير، لأن أصل المشكلة مازال قائماً. حال الضعف الإعلامي لم تعد مهمة، فبإمكان أي منا تغيير المحطة بلمسة زر، ولا أعتقد أن المحطات الحكومية في كل الدول أفضل حالا من تلفزيون الكويت وإذاعتها سواء من ناحية التقنيات التكنولوجية أو المادة الفنية، فلم يعد الإعلام يدار بطريقة الأبيض والأسود، فالتخصص والخصخصة خياران لا مهرب منهما، وعلى الحكومة أن ترفع الراية وتنصاع للأمر الواقع، لتبدأ برنامج الإصلاح بوضع خطة التفكيك.الالتزام والتوصية بالتحرك المسبق ودرء الخطر قبل وقوعه هي ما يريد الشارع الكويتي أن يسمعه من الحكومة للخروج من التداعيات السياسية، لأن البعض سيصور نجاح الشيخ أحمد العبدلله بالمرور من طرح الثقة كرتاً أخضر للعب بالوحدة الوطنية، وطرح كل ما يحلو له من أفكار تحمل كل معاني التطرف، وهنا لا أقصد الديني فقط، بل جميع أنواع التفرقة بين أبناء الوطن، ولذلك فإن المهم لا يتقدم على الأهم.اعتماد مبدأ التدوير للحل كغاية لتجاوز التصادم النيابي الحكومي ليس من المهنية في شيء، ويضعف حجة الحكومة، ولذا صعود أحمد العبدلله إلى المنصة أفضل الحلول، وليكن رده مرتبطا بالإجراءات الإدارية والفنية التي اتخذتها الوزارة، وليكن صاحب رؤية واضحة تجاه المضي قدما في تفكيك جزء من الوزارة وتحويله إلى هيئة رقابية تساند قانون المرئي والنشر، وجزء آخر يعنى بالمناسبات الرسمية والوطنية وحملات التوعية، والباقي يخصص للقطاع الخاص، والفائض من الموظفين يوزع على إدارات الإعلام والعلاقات العامة في مؤسسات الدولة. هذا الاستجواب لن يكون حاله أفضل من غيره، فالانقسام النيابي بدأ من الآن، ولتكن التوصيات لتصويب الأداء نحو وحدة وطنية تحمينا وتكفينا شر سخونة أوضاع المنطقة.أخيرا: صديق الأمس عدو اليوم يكتبها أحمد العبدلله في مفكرته ليتذكرها طويلا في حياته السياسية وفرصة للمناعة وأخذ الأمصال اللازمة. ودمتم سالمين. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة