لا لتغيير مناهج التربية الاسلامية!
المناهج الدراسية الفاعلة هي نتاج تخطيط استراتيجي واضح، يربط الناتج باحتياجات الدولة وهويتها، منها نخلص إلى مجموعة من المعارف والمهارات والمسلكيات، أو ما يعرف بالكفاءات أو الجدارات (Competencies) المستهدفة من كل منهج لكل مرحلة أو فئة عمرية، يتبعها عملية تدقيق ومراجعة (audit) دورية تضمن تماشي المنهج مع الاستراتيجية واتساق مخرجات العملية التعليمية مع النتائج المستهدفة. هذا بالطبع يتطلب «هوية» للدولة و»استراتيجية» تسعى إليها، ولكن حتى في ظل عدم وضوحهما- كما في الكويت- يمكن بناء مناهج جيدة بناء على الممارسات المثلى في العالم والمناهج المعتمدة، والتي أثبتت فعاليتها في تأسيس مواطن بالحد الأدنى من الكفاءات المطلوبة للنجاح في الحياة والعمل، وهو ما تقوم به المدارس الخاصة بتبنيها مناهج عالمية ومعتمدة. ولكن في كلتا الحالتين تبقى عملية التدقيق والمراجعة غاية في الأهمية للتأكد من استمرارية جودة المنتج وضمان تماشي المناهج مع تطورات العلم والتكنولوجيا.
لذا فإن الذعر من فكرة تغيير ومراجعة المناهج هو انعكاس لعقلية لا علاقة لها بالعلم ولا التكنولوجيا، ولا تفقه أساسيات العملية التعليمية إلا إذا كانت «الاستراتيجية» هي المحافظة على الأمية والتخلف الثقافي والاجتماعي، الذي هو نتاج واضح للمناهج القائمة، خصوصاً في التعليم العام. وبناء على نفس المبادئ العلمية لبناء المناهج، أرى أن الهدف الأصح ليس تغيير مناهج التربية الإسلامية وإنما إلغاؤها تماماً، فليس من احتياجات الدولة ولا العالم حفظ الطالب للقرآن وتكرير الأحاديث وتسميع أركان الإسلام، ولا حاجة إلى تخريج المزيد من «المفتين» في أمور الشرع. وأهمية العبادات وطريقة تأديتها شأن خاص بالأسرة من واجبها بناؤه إذا كان يشكل أهمية. وفي حال قصور معلومات أو إمكانات أولياء الأمور، يأتي دور المساجد ودور تحفيظ القرآن، أما أن تفرض وزارة التربية على الأسرة ما تراه «صحيحاً» في ما يخص العبادات والعقائد، ففي هذا تدخل سافر في خصوصيات واختصاصات الأسر على اختلاف أديانها ومذاهبها وخلفياتها.ولو عدنا إلى مفهوم المنهج المبني على الجدارة (Competency-Based Curriculum) وبحثنا عن الجدارات التي قد تفيد الدولة وسوق العمل ولها علاقة بالروحانيات بشكل عام والإسلام بشكل خاص فستكون: الأخلاق بشكل عام، واحترام القانون، والإخلاص بالعمل والدراسة، والذكاء العاطفي بشكل عام، والتعاطف مع الآخر، والتسامح بشكل خاص، ومعرفة التاريخ الإسلامي بشكل عام (كجزء من بناء الهوية)، والتاريخ الشخصي لعظماء الإسلام كالعلماء والفلاسفة والأدباء تحديداً ليقدموا للنشء مُثلاً عليا إيجابية (Positive Role Models) بدل إرهابيي العصر الحديث.لذا فمناهج التربية الإسلامية البالية يجب استبدالها بمناهج بناء الشخصية- والتي هي مناهج عالمية ومعتمدة حتى من الأمم المتحدة- ومنهج للتاريخ الإسلامي الإيجابي، ونترك للأسرة حقها ودورها في تعليم أبنائها كيف ومتى يصلون؟!