«احتسِ فنجان قهوة... تنقذ أسرة»

نشر في 09-02-2010 | 00:01
آخر تحديث 09-02-2010 | 00:01
في متنزه الجندي المجهول وسط مدينة غزة الذي يكسوه الظلام، يحاول أبوأحمد في أوائل عقده الثالث جاهداً إشعال "بابور الكاز" في إحدى الزاويا البعيدة عن الازدحام، لتلبية طلبات المتنزهين من قهوة وشاي.

ويجد الغزيون، المتنزه الكبير الذي غالبا ما تُطفَأ أنواره، استراحة ومتنفساً لهم وعائلاتهم في ساعات المساء، بينما يجده شباب كثر  مخرجاً من الفقر والبطالة، ويعرضون مبيعاتهم على المارة والمتنزهين.

ولم يجد البائع أبوأحمد وهو يعرض مشروباته الساخنة على المارة والجالسين على مقاعد من الرخام صنعت منذ زمن بعيد حرجاً في قوله "اشرب فنجان قهوة تنقذ حياة أسرة فقيرة"، ويضيف بابتسامة  يحاول رسمها أمام الشباب والصبايا، "يوجد شاي وينسون وحتى نسكافيه".

ويشكو الأزواج الجدد الذين يجلس بعضهم قرب بعض، ويتبادلون أطراف الحديث في أماكن بعيدة عن الازدحام، انزعاجهم من الباعة المتجولين. وتقول الصبية رشا على استحياء وهي تجلس بالقرب من خطيبها، لـ"الجريدة": "بائعو القهوة والشاي يفسدون متعة الجوّ والحديث الرومانسي"، وتضيف بشكل ساخر: "أكيد ماما موصياهم علينا".

ومع اشتداد الحصار الإسرائيلي الذي دخل عامه الرابع على التوالي، اندفع الآلاف من شباب غزة للبحث عن بدائل مختلفة تعتمد على إمكاناتهم المتواضعة لايجاد فرص عمل تسد رمقهم.

ويسير أبوأحمد على دراجته الهوائية قرابة عشرة كيلومترات يوميا في رحلة ذهابه وايابه من شمالي القطاع حيث منزله، الى ساحة الجندي المجهول التي اتخذها مقرا لعمله بعد أن ضاقت أمامه سبل العيش. ويقول البائع الذي يعيل أسرة مكونة من أربعة أفراد لـ"الجريدة": "بعد إغلاق مصنع الخياطة الذي عملت به سنواتٍ طويلة، لم أجد عملا لتوفير المأكل لعائلتي"، ويضيف "لجأت الى صنع القهوة والشاي وبيعهما للمتنزهين".

وأغلق في القطاع الرملي الذي يسكنه مليون ونصف المليون نسمة، أكثر من 350 مصنعا وورشة منذ ان شددت اسرائيل قبضتها على المعابر الحدودية، ما ادى الى انهيار الوضع الاقتصادي في الجيب الساحلي الصغير الذي يسيطر عليه الاسلاميون، وازدياد رقعة الفقر والبطالة.

وأكثر ما يؤثر في البائع الذي يحاول مواجهة شظف العيش من خلال مشروباته، تركه لعمله الذي اجاده داخل مصنع الخياطة، خاصة ان منتوجات مشغله كانت تصدر إلى إسرائيل ودول اوروبية اخرى. ويقول أبوأحمد بحسرة: "يوميتي في المصنع كانت لا تقل عن 100 شيقل، بينما أعمل حالياً منذ الصباح حتى ساعات متاخرة من الليل لكسب 15 شيقلا".

back to top