اجيال اساطيل الحرية ونهاية فزاعة اسرائيل
![محمد صادق الحسيني](https://storage.googleapis.com/jarida-cdn/images/1461780051312990300/1461780065000/1280x960.jpg)
إن حالة إيران المتمردة على قوى الطغيان العالمي وإن تبلورت في الظاهر بشكل نزاع حول طموحاتها النووية المشروعة وعزمها الراسخ على انتزاع حقوقها من حلقوم ما بات يسمى بالمجتمع الدولي, لكن الكامن في أعماقها، هو ذلك التصميم الأكيد لقيادتها العليا كما لجمهورها الواسع على ضرورة تجديد البيعة مع دينها، كما مع قادتها الثوار الأوائل، ومع منظومة قيمها الثورية التي كانت الأساس لقيام دولتها الحديثة.ففي السنة التي مضت كان من السهل على المتتبع لأحوال الحراك النخبوي في إيران أن يقرأ في عيون الأجيال الثورية الجديدة، وكأن علي شريعتي يعود إليها مرة أخرى وبقوة، طالبا منها الثورة على الموروث من التقاليد، ولكن هذه المرة على «شورى التجار» المتجددة في أصحاب المراجعات من الذين ترهلت عقولهم وأفئدتهم، ومطالبا إياها أيضا بإعلان انتمائها من جديد إلى مدرسة أبي ذر الغفاري الثورية التي رفضت الانحناء أمام سلطة القبيلة والحزب والعشيرة، ونذرت نفسها قربانا في مذبح الفداء والإيثار. تماما وكأن الإمام الخميني هو الآخر ينهض من جديد ليقول للسواد الأعظم من جمهور الجيلين الثالث والرابع للثورة، أنه ها قد حان من جديد موعد القيام على الموروث من العادات والتقاليد من «فقه الانتظار السلبي» الذي هزمته الثورة فيما هو يحاول الظهور من جديد بلباس بعض رجال الدين وأشباه المثقفين، تماما كما قد حان موعد البيعة مجددا مع الإسلام الثوري المحمدي الأصيل، إسلام الحفاة والفقراء والمستضعفين، الإسلام العابر للأعراق والحدود، إسلام الدفاع عن فلسطين والاستشهاد في سبيلها، في مقابل إسلام قراءة الفاتحة في المقابر والمناسبات، وإسلام الحيض والنفاس وإسلام التواكل والخمول والتسليم بقدر التبعية لسلطة المستكبرين وأتباعهم من وعاظ السلاطين وباختصار شديد «الإسلام الأميركي» المستورد مما وراء البحار. ليس هذا هو وصف حال مخاصمات وسجالات النخب المتشبهة بالغرب مع السواد الأعظم من جيل الشباب في إيران فحسب، بل هي حالهم كما أظن وأزعم في كل قطر من أقطار العالم الإسلامي، وليس ما يحصل في تركيا من حراك ثوري رائع من أجل الدفاع عن ذلك الإسلام الحر والمحمدي الأصيل العابر للقوميات والحدود والمتصل بأم القضايا في فلسطين عبر أسطول الحرية وتداعياته المتسارعة إلا أحد أشكال تمظهر تلك الحالة المتأججة لدى شباب العالم الإسلامي من جبال الأطلس غربا إلى سور الصين العظيم شرقا. كل ذلك لأن مستوى الصراع بيننا وبين العدو الاستعماري حول الهويات والخيارات الحضارية وحجمه وكثافته وتراكمه غدا عالميا بامتياز، ولم يعد محصورا بين أسوار قطر بعينه، فضلا عن حصره بين جدران طائفة أو مذهب أو قبيلة أو عشيرة أو حزب أيا كانت حدود هذه الفئة أو تلك متسعة، فما بالك لو ضاقت إلى درجة «أنا أولا».إنه ذلك الكم الهائل من الشعور والمشاعر المتقدة والمتدافعة والمكثفة إلى حد حافة الانفجار, والتي قد لا تلمسها في أدبيات مدعي تمثيل هذه الجماهير العريضة وما أكثرهم، لكنك تلمسها قطعا وهي تتفجر في لحظات قيام الأمم والشعوب في كل الشوارع والأزقة والحارات دفاعا عن الهوية والكرامة كلما تجرأ عليهما الشيطان الأكبر أميركا هنا أو هناك، أو حاول استفزازها الشيطان الأصغر إسرائيل في هذه الواقعة العدوانية أو تلك.وإذ كنا نأمل في أن أساطيل الحرية ستحرر كل من لايزال في عقله شك أو ترديد في عدالة أم القضايا العالمية، فإننا في الوقت نفسه متيقنون بأن البحر سيغرق القتلة والمجرمين مهما حاولوا وقف أمواجه، ومداد هذا البحر سيكتب بإذن الله نهاية تلك «الفزاعة» التي صنعها الغرب يوما لحاجة في نفس يعقوب.* الأمين العام لمنتدى الحوار العربي الإيراني