... بل البلد في خطر من تهديدكم المبطن
يبدو أن بعض أنصار التأزيم والتصعيد اللاحكيم مازالوا متألمين من نتيجة الاستجوابات الأربعة، والخيبة التي حصدوها من ذلك اليوم المر الذي لم نر فيه أياً من المفاجآت التي وعدونا بها، ولذلك يلجؤون الآن إلى محاولات فرز المجتمع وتهديد بعض أطيافه عن طريق التهديد المبطن، فيخرج علينا أحد الكتّاب ليدّعي أن الشيعة في خطر كونهم أقلية متحالفة مع الحكومة التي ستضحي بهم وتستعملهم للتغطية على فشلها. بداية، فإن طرح مفهوم الأقليات وبهذه الصورة طرح خاطىء وفي غير محله، فالمتعارف عليه سياسيا عند التحدث عن الأقليات أنها المجاميع التي تشكل أقل من 10%، مثل العرب واليهود الأميركيين الذين لا تصل نسبة أي منهم إلى حتى 5% من مجموع الشعب الأميركي، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تطبيق هذا المفهوم على الشيعة في الكويت كونهم يشكلون 20% من مجموع الشعب- على أقل تقدر- ويعتبرون من المكونات الرئيسة والقديمة في البلد، وإن كنا سنقبل الفرز والتصنيف على هذا الأساس، فسنتحدث غدا عن حجم كل قبيلة وعائلة وتيار سياسي وهكذا إلى ما لا نهاية، كما أنه من المستحيل التحدث عن طائفة أو فئة معينة وكأن جميع المنتمين إليها لهم فكر واحد وأجندة موحدة ومشتركة، وكأنهم تيار سياسي، مع أننا نشهد هذه الأيام تناقضا علنياً حتى بين أبناء التيار الواحد سواء داخل أم خارج المجلس، ولا أدري كيف يتحدث البعض عن الوحدة الوطنية وفي نفس الوقت يحاولون فرز النواب وتبرير مواقفهم لانتماءاتهم الطائفية؟!
ثم إن الحديث عن موالاة ومعارضة بشكل مطلق هو تسطيح للواقع السياسي، فنحن لسنا في نظام برلماني صِرف يحكم فيه الحزب الفائز وتتحول الأحزاب الخاسرة إلى معارضة، ولذلك يكون الاصطفاف داخل المجلس بحسب كل موضوع على حدة، فمثلا نجد أن عددا ممن وقف مع الحكومة ضد الاستجوابات هم من وقف ضدها في موضوعي القروض والحقوق المدنية للبدون، وأكثر هؤلاء من النواب الشيعة، بينما لم نجد الكاتب يقول إن الحضر السنّة (وبالتحديد الليبراليون وغير المصنفين كإسلاميين) هم أيضا في خطر لأنهم أيضاً وقفوا مع الحكومة في هذين القانونين، إضافة إلى وقوفهم ضد الاستجوابات العبثية والاستعراضية؟!فموقف المعارضة الحقيقية من بعض النواب الشيعة والليبراليين والوطنيين بشأن الاستجوابات كان موقفاً ضد محاولات اختطاف البلد، وليس دفاعاً وموالاة للحكومة لأن لديهم كثيرا من الملاحظات والانتقادات عليها، لكن هذا لا يبرر سكب الزيت على النار واستخدام هذه الأخطاء للابتزاز والاستعراض لخدمة أجندة انتخابية وغيرها بهذا الشكل، فالحكومة لم تختطف الشيعة ولا غيرهم، لكن أنتم من تحاولون اختطاف البلد وإدخاله في معارك لا فائدة منها. ثم إن كنا نتحدث عن خيارات، فأنت وتكتلك آخر من يتحدث عن ذلك لأنكم طعنتم رفاقكم في الظهر في وقت الشدة، وضحيتم بهم انصياعاً للإرهاب الإعلامي الموجه، وانكشفتم أمام الناس الذين بان لهم أن المصالح الانتخابية هي التي تحكمكم أولاً وأخيراً في الوقت الذي دفع فيه هؤلاء الرفاق أثمانا انتخابية لذلك التكتل الذي كان جميلاً يوماً ما قبل أن تحين ساعة الحقيقة وتنكشف الأقنعة. مشكلة هؤلاء البعض والدستوريين الجدد أنهم يتبعون النظرية «البوشية»: (إن لم تكن معنا فأنت ضدنا)، فإما أن تقف مع أجندتهم العبثية وأسلوبهم غير الحكيم في معالجة الأمور، وإما أن تكون بصاماً وموالياً، وما إلى ذلك من الألقاب المعلبة التي لم ولن ترهب وتثني المخلصين في هذا البلد من اتخاذ المواقف التي يرونها تصب في المصلحة العامة، ثم إن الحديث عن أن الشيعة على رأس قائمة الخطر هو بحد ذاته تهديد مبطن، وإقرار بأن الأغلبية (إن صح التصنيف) غير منصفة وتتحين الفرصة للانقضاض على بقية مكونات الشعب، واختطاف البلد لتحقيق أجندتها الفئوية، فـ«المرء مخبوء تحت لسانه» كما يقول الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وهو ما يؤكد صحة الطريق الذي يمضي فيه الكثير من المخلصين في بلدنا. كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراءيمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة