كانت الجلسة البرلمانية التي تناولت قانون الخصخصة امتحانا قاسيا للتداول الشعبي لفكر الإصلاح الاقتصادي، وانتهت المداولة بنجاح مؤيدي القانون بالحصول على 33 صوتا مقابل عشرة معارضين.

Ad

والمطلوب، قبل تحويل المسار إلى الخصخصة في المرحلة الحالية، التخطيط للوصول إلى المنظومة الاقتصادية المتكاملة عبر رسم الطرق المثلى لإحداث النقلة المناسبة من الملكية الحكومية إلى القطاع الخاص، وضمان ارتفاع مستوى قطاع الخدمات دون أن يتحمل المواطن أعباء التكاليف، إنما عبر مساهمة رمزية تجعل المواطن جزءا أساسيا متلقيا للخدمات والمزايا.

نظرياً أتفق مع التداول التشريعي «الجزئي» لمشاريع الخصخصة، وجهود اللجان المعنية التي حرصت على التركيز على إيجابيات المشروع، ولكن بعد متابعتي لأحاديث «أهل الاقتصاد» في جامعة الكويت، انتابني شعور بعدم مناسبة الظروف لإقرار قانون يعتبر وسيلة من وسائل الإصلاح الشامل.

فللخصخصة شروط عديدة منها: الالتزام بالاتجاه نحو تحسين كفاءة استخدام الموارد البشرية والطبيعية من خلال آليات الإسناد إلى القطاع الخاص، وأتفق أيضا مع تحذير العديد من أساتذة الاقتصاد من غياب التشريعات والقوانين الداعمة لمشروع الخصخصة كقانون حماية المستهلك، ومناهضة الاحتكار وغيرها من القوانين، أي أن مشروع القانون لا يكفي للدفع بعملية الانتقال السلس للملكية من القطاع العام إلى القطاع الخاص... كما ذكر د. المجرن في عدد 16 أبريل لجريدة «الجريدة».

واليوم وبعد أن التقت الرؤى حول فعالية الخطة التنموية، ومدى استعداد القائمين عليها عبر الجهاز التنفيذي بإسناد بعض المهام والمسؤوليات الضخمة إلى القطاع الخاص، والانتقال تدريجيا إلى مرحلة جديدة عبر تطبيق مفاهيم الخصخصة، فقد آن الأوان للالتفات إلى أهمية الحديث بصراحة عن تكلفة وتداعيات تطبيق القانون، وأعني بذلك فتح ملف سقف فرض الرسوم وضريبة الدخل، إلى جانب حاجة الجهاز الحكومي القيام بإصلاحات إدارية ومالية وتطبيق اتفاقيات حماية الملكية الفكرية والفنية، وإعادة النظر في أساليب الإنفاق، وخفض النفقات غير المنتجة من الميزانية، وتطبيق نموذج الإصلاح الشامل.

لا شك أن جلسة البرلمان التي تناولت الخصخصة قد فتحت ملفا جديدا للسياسة الاقتصادية، وعلى الرغم من أن مشروع القانون قد حظي باستحسان البعض، فإنه وفي الوقت ذاته وقع بين الرفض والحذر الشديد من البعض الآخر، وذلك يؤكد حاجة الحكومة إلى ثقة المجلس قبل أن تبدأ بعملية الإصلاح، وذلك لأن النواب لن يقبلوا أن تتم عملية الإصلاح الإداري الشامل على حساب تخفيض الرواتب والامتيازات أو صرف الموظفين الفائضين، وذلك لتعارض شعبية النائب ومصالحه الانتخابية مع تبعات فرض الرسوم والضرائب، الأمر الذي يضعنا أمام اختيارين: إما أن تكتفي الحكومة بإيجابيات القانون فقط، وتتحمل تكلفة تدوير الفائض من العمالة والقوانين التي تنتظر التداول والتدراس، أو أن تغض النظر عن الإصلاح الإداري... الأمر الذي سيتعارض مع الانتقال إلى نظام جديد كالخصخصة، فالسياسة الاقتصادية الجديدة والخيار المالي الأفضل مرهونان بالنظر إلى استقرار سياسي اقتصادي لتجنب أزمات «حوار» قادمة.

كلمة أخيرة: لماذا يراهن البعض على شق النسيج الاجتماعي عبر احتكار محبة هذا الوطن؟ ألا يعرف هؤلاء أن الوطن للجميع، وأن الكويت في عيون العالم أجمع؟!

وكلمة أخرى: نتمنى الهدوء والسكينة لبركان آيسلندا الغاضب الذي شل الحركة في مطارات أوروبا... وعزلها "جويا" عن العالم.