الحكومة لم تكلف خاطرها بنفي خبر تضمن تشويهاً لسمعة الكويت كانت قد نشرته إحدى الصحف المحلية منسوباً إلى «تقرير» مجهول الهوية، كما أن الجهات الحكومية لم تحرك ساكناً ولم تتخذ إجراءً في حق مَن ينشر مثل هذه الأخبار المسيئة في حق البلاد، وكأن الأمر لا يعنيها أو أنه عن بلاد الواق واق!

Ad

لو كتبت يوماً أني قرأت تقريراً يقول مثلاً، إن شرب لتر من الماء على الريق كل صباح يعالج مرض السكر، فإن أول ما يفترض أن يدور في أذهانكم هو الجهة المصدرة لهذا التقرير، وذلك وبكل بساطة حتى تتمكنوا من تحديد قيمته ومدى مصداقية المعلومات المنسوبة إليه، أليس ذلك صحيحاً؟

أنا أجزم بأنه صحيح. فتقرير اعتباطي يكتبه فرد غير متخصص مثلاً لا يماثل تقريراً يكتبه فرد أو جهة تتحرى المصداقية وتستخدم أدوات البحث الموضوعي، فما بالكم ان كان التقرير الذي أشرت إليه بلا مصدر ولا مرجع ويحتمل لذلك أن يكون ملفقاً أو مزوراً؟! حينها لا يجب أن تكون مصداقية التقرير فقط هي التي على المحك، وإنما قبلها مصداقيتي ككاتب!

منذ أيام نشرت إحدى الصحف المحلية، وهي من الصحف القديمة ذات الخبرة لا الجديدة التي قد نلتمس لها العذر من باب حداثة التجربة، وعلى صدر صفحتها الأولى وبالمانشيت العريض أن «الكويت قد صارت مركزاً لتصدير الفساد والتزوير والتجاوزات للدول المجاورة، ونسبت الأمر برمته إلى «تقرير»!

نعم هكذا بهذا الشكل المستفز واللفظ المبتور تماماً، «تقرير» والسلام، دون إشارة إلى الجهة التي أصدرت التقرير، ولا متى؟ ولا أين؟ ولا كيف؟ ولا لماذا؟ والأمر لم يكن سقطة أو غلطة، فالخبر استمر طوال سطوره يشير إلى «تقرير» دون أن يذكر شيئاً عن مصدره ولا مَن هم خلفه، مما أعطى القارئ النبيه إشارة واضحة إلى أن الأمر في أحسن حالاته ملفق أو مشوه!

للعمل الصحافي أصول وقواعد يعرفها أهل الصنعة، أما الدخلاء والدهماء والمزورون ممن اقتحموا واختطفوا مواقع في عالم الصحافة، فلا تعني لهم هذه الأمور شيئاً، ولا يكترثون لها فـ»مَن أمن العقوبة أساء الأدب»، حيث لا يوجد مَن يحاسب ولا مَن يرصد ولا مَن يهتم أصلاً، وكثير من الصحف قد غدت مجرد صحف صفراء للإثارة والتلفيق وتشويه الحقائق وتصفية الحسابات!

والمزعج في الأمر كذلك أن الحكومة، بكل جهاتها المسؤولة والمرتبطة بما جاء في الخبر المنشور، لم تكلف خاطرها أن تنفي الخبر أو أن ترد عليه أو حتى أن تستفسر عن مصدره، فضلا عن عدم اتخاذها إجراءً في حق مَن ينشر مثل هذه الأخبار المسيئة في حق البلاد، وكأن الأمر لا يعنيها أو أنه عن بلاد الواق واق!

لا أدري هل ستفيد الملامة إن أنا وجهتها إلى هذه الحكومة التي بتنا نراها وقد هزلت ثم هزلت ثم هزلت واشتد هزالها حتى ساومها المفلس وصارت مستباحة حتى لمثل هذه الصحف التي لا تتورع عن التلفيق؟! أم أن أصمت وأكتفي بالقول إن الحكومة عندها ما يشغلها، وأقنع نفسي بأن تشويه سمعة الكويت أمام الداني والقاصي وبواسطة واحدة من صحفها ذات الانتشار الواسع لن يضر، لأنه «لا يضير الشاة سلخها بعد ذبحها»، والكويت أصلاً تُذبح يومياً على يد كثير من أبنائها؟!