جورج... لديه ما يقوله لكم!

نشر في 06-11-2009
آخر تحديث 06-11-2009 | 00:00
 حمد نايف العنزي حين تسير أمورنا على ما يرام، عن قصد أو من غير قصد منا، فإن أحدنا يميل إلى أن ينسب الفضل لنفسه، ويقول: «يا لذكائي... كم أنا شاطر... يا لي من عبقري»، وحين تجري الأمور على غير ما يريد ويشتهي فإنه يبحث فورا عمن يلقي عليه اللوم ليقول له: «كله منك... ستين مره قلت لك... ماكو فايدة، بحياتك ما راح تتعلم»!

سبب ذلك أننا في قرارة أنفسنا نظن أننا لا نخطئ أبدا، وأن الآخرين وحدهم من يخطئون، ولذلك، فإن أي نجاح يتحقق في حياتنا نرجع الفضل فيه إلى ذكائنا وجهدنا ومثابرتنا، وأي فشل يحدث سببه غباء الآخرين وكسلهم وإهمالهم، وهذا الاعتقاد يجعلنا نعتاد على عدم تقبل المشاركة في تحمل المسؤولية في كل الظروف، سواء في الفشل أو النجاح، ويجعلنا بالتالي أقرب إلى الفشل في تعاملاتنا الاجتماعية خصوصا في الزواج الذي يتشارك العيش فيه طرفان جنباً إلى جنب سنوات طويلة، وهو أمر يتطلب قدراً كبيراً من النضج العقلي والعاطفي للتمكن من فهم الطرف الآخر ومشاركته الحياة بحلوها ومرها، وعدم إلقاء مسؤولية أي مشكلة بسيطة تعكر صفو الحياة الزوجية دائما على الطرف الآخر!

«جورج» توفيت زوجته قبل عامين، لكنه لا يذكرها إلا بكل الخير، فقد استمر زواجه السعيد منها أكثر من خمسين عاما، وحين سئل عن سبب ذلك الزواج الطويل والناجح قال: «سأطلعكم على فلسفتي الخاصة في ما يخص العلاقات العاطفية بشكل عام والزوجية بشكل خاص، إنها تقوم على عبارتين فقط لا غير «آسف ياعزيزتي... شكرا ياعزيزتي»، متى ما أفرط الزوجان في استخدام هاتين الكلمتين، فسوف تسير أمورهما على خير ما يرام، فالأولى اعتراف بالفضل للشريك فيما أنت فيه من راحة وسعادة، والثانية اعتذار عن دورك فيما هو فيه من تعب وحزن وأسى، صدقوني، هذه هي المشاركة الحقيقية كما ينبغي أن تكون، وهي حجر الأساس لكل علاقة ناجحة».

ولكي يوضح مقصده أكثر، أضاف قائلا: «لقد أحببت زوجتي وعشقتها حتى الثمالة، فقد كنا نستمتع دوما بصحبة بعضنا بعضا بسبب اعتراف كل منا بفضل الآخر في كل شيء، وعدم لومه على أي شيء، وكان كل منا على استعداد لتقديم يد العون لشريكه وإضفاء السعادة على قلبه، ولذلك، لم يغب التفاهم والحب عن حياتنا يوما، ولم يخطر ببال أحدنا أن ينفصل عن الثاني، فقد أصبح كل منا جزءاً من الآخر، لا أدري، لعلنا حالة نادرة بين الأزواج، لكنني طوال خمسين عاما لم أفكر لحظة في العيش مع أي امرأة غير زوجتي، فهي محبوبتي، كانت ولا تزال، وسوف تبقى للأبد»!

أرجوكم لا تفهموا كلام «جورج» خطأ، فهو وزوجته كغيره من الأزواج واجهتهما أحيانا مشاكل وتحديات عصيبة، لكن تعهدهما تجاه بعضهما بعضا مكّنهما بسهولة من تخطي هذه التحديات، يقول: «لقد تمكنا من التعامل مع الأوقات العصيبة بسهولة لأن كلاً منا حرص على عدم إلقاء اللوم على الآخر، في الوقت الذي كنا نرى غيرنا من الأزواج ينقلبون على شركائهم لأنه الحل الأسهل في نظرهم».

يضيف «جورج» وهو يغالب دموعه: «لقد كانت أول هدية لعيد الحب قدمتها لزوجتي عبارة عن إصبع من العلكة، لأنه لم يكن لدي ما يكفي من المال وقتذاك لأشتري هدية قيمة لها، لكن أتدرون، لقد قالت لي مرارا بأنها كانت ألذ علكة حصلت عليها بحياتها، وأتذكر أنها قد فرحت بها كثيراً وكأنني قدمت لها عقداً من الألماس لا علكة رخيصة»!

عموما... نهدي كلمات «جورج» اللطيفة هذه عن شريكة حياته إلى شبابنا وشاباتنا الذين يتزوجون ولا يكملون عاماً دون أن يتطلقوا على أتفه الأسباب، لعل آخرها ما سمعته من صديق عن أن زوجين شابين قد تطلقا بسبب نزاعهما على من يستخدم معجون الأسنان قبل الآخر!

صباحكم «فل»... ويومكم جميل ورائع.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top