جيب السلطة الكبير
تمنى النائب مسلم البراك على سمو رئيس الحكومة أن يكمل عبارته حين قال: إن الدستور بجيبي ليتممها بأن المجلس النيابي في جيبه الثاني (القبس عدد أمس)، يبدو أن البراك يريد الذهاب إلى أن رئيس الحكومة عندما يقول إن الدستور في جيبه لا بالمعنى الذي أراد رئيس الحكومة إيصاله إلى الإعلام من تمسك الحكومة بدستور الدولة نصاً وروحاً، بل بمفهوم ممارسة الالتفاف على المقاصد الدستورية، وأن هذا الدستور ليس إلَّا واجهة شكلية لديمقراطية صورية كما تريدها النخبة الحاكمة، ولم يكن بالإمكان أن يحدث هذا لو لم يكن المجلس في جيبه الثاني، هذا ما أفهمه من كلام النائب البراك في نقده سياسات سمو رئيس الحكومة.
إذا قبلنا حجة البراك القوية ضد الحكومة كما دلل عليها بموقف مجلس الأمة في التصويت على سرية الجلسات، وكما يظهر في ممارسات التصويت بالمجلس بالقبول أو رفض الاقتراحات النيابية حسب هوى الحكومة، يبقى السؤال المحير ماذا منع الحكومة من العمل لنفض عقود طويلة من اللاعمل وتأجيل كل مشروع وقبر كل رغبة في الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي بالدولة؟! إذا كانت نتائج استجوابات النواب للوزراء أو لرئيس الحكومة معروفة سلفاً مادام المجلس في "جيب" الرئيس فلماذا هذه العطالة في العمل الحكومي ما لم تكن هذه الحكومة وجل الحكومات التي سبقتها في حالة عطالة دائمة منذ نهاية الستينيات من القرن الماضي حتى اليوم عدا ومضات سريعة لمعت عند بعض المجالس وسرعان ما تم تعتيمها بالحل السلطوي للمجلس؟ هل يمكن اليوم أن نصدق تحقيق الأحلام العريضة بدءاً من طريق الحرير الى مدن الأوهام الحريرية التي تروج لها وسائل الإعلام الحكومية سواء ملكتها الحكومة مباشرة أو بطريق غير مباشر بسياسة العطايا والهبات؟ لا أتصور أن السلطة جادة في إصلاح أمرها حتى يتعدل بالتالي البيت الكويتي، فليس للسلطة رؤية واقعية للغد، ولا يمكن أن يكون لها هذا فأصحاب القرار ومن يحيط بهم من ضاربي الدفوف في وادٍ والحقيقة في وادٍ آخر، وليس هذا بالجديد عليهم، وإنما هذا إرث تتناقله جيل بعد جيل. انتظروا نهاية الثرثرة الرسمية عن الغد الوردي للدولة، وشاهدوا كيف سيكون سواده إن لم يكن عليكم فعلى أبنائكم. لنقل إن مسلم البراك غلطان، فليس المجلس ولا الدستور فقط في الجيب الحكومي، وإنما الدولة كلها في الجيوب الفضفاضة لسلطة الحكم، ولا رقيب ولا حسيب.