"يقولون كيف عرفت أنها كذبة قلت من كبرها"، وهذا ينطبق على خبر صحيفة "تايم" البريطانية، الذي تخرَّصت فيه على المملكة العربية السعودية بالقول إنها تفاهمت مع إسرائيل على ترتيبات جوية لفسح المجال أمام الطيران الإسرائيلي ليوجّه ضربة خاطفة مدمرة إلى المنشآت النووية الإيرانية.
والمُخجِل ليس أن صحيفة عريقة ومشهورة ومعروفة بمصداقيتها واتّزانها قد انحدرت إلى هذا الحضيض، ووضعت نفسها بمستوى صحف الإثارة (التابلويد)، إنما المُخجِل أن فضائية تقول إنها عربية قد التقطت هذا الخبر "المُفبرَك"، الذي استهدف دولة عربية معروفة بشفافية دبلوماسيتها وصدْق مواقفها، ونفخت فيه من روحها الشريرة وحاولت إعطاءه مصداقية وتسويقه نيابة عن الجهة أو الجهات التي تقصّدت استهداف المملكة العربية السعودية في هذه الفترة بالذات.كان يجب أن تذكر صحيفة "تايم" مصدرها، وكان يجب أن تُدقِّق هذه الفضائية المُشار إليها في هذا الخبر جيداً، قبل أن تبادر إلى ترويجه بطريقتها الاستعراضية، لو أنه ليست هناك مؤامرة قذرة حيكت ضد المملكة العربية السعودية من قِبل "الموساد" الإسرائيلي، إذ سارعت إيران إلى تبني هذا الخبر الكاذب واستخدامه والترويج له كجزء من حملتها ضد دولة لها مكانتها المتقدمة في المنظومتين العربية والإقليمية.إن هذه الرواية التي تفتقد إلى أقلِّ ما يمكن أن يعطيها شيئاً من المصداقية، كان من الممكن أن تظهر على صفحات إحدى الصحف المُصابة بداء المذهبية والطائفية البغيض، أو في إحدى الصحف الإسرائيلية، أمَّا أن تتحول الـ"تايم" بتاريخها العريق إلى بوقٍ لليمين الإسرائيلي، ومُروِّج لخبر تلتقي عند الاستفادة منه كلٌّ من إيران وإسرائيل، فإن هذا يضعها في مستوى الصحف الهابطة ويسيء إلى الصحافة البريطانية ذات التاريخ العريق والطويل، ويضرب مصداقية هذه الصحافة التي أخذت كل هذه المكانة المرموقة من خلال دقتها ومصداقيتها.ثم إن أقل ما يمكن قوله لوسائل الإعلام، التي تدّعي أنها عربية والتي تملأ الدنيا مزايدة وادعاءات بطولية، هو أنه من العيب عليها أن تتلقَّف هكذا رواية من الواضح حتى لأعمى البصر والبصيرة أن جهات مغرضة وموتورة ومتآمرة هي التي وقفت وراءها، وتروّجها تحت ذلك الشعار "الرأي والرأي الآخر"، الذي استُخدم كثيراً للضحك على الذقون ودسِّ السُّم في الدسم وتغطية المهمة الفعلية التي أُوجدت من أجلها هذه الوسيلة الإعلامية المعروفة.
مقالات
«عيْب»!
14-06-2010