ساحة المواجهة الجديدة!

نشر في 02-07-2009
آخر تحديث 02-07-2009 | 00:00
 صالح القلاب الواضح أن هناك صعوبة في ملء الفراغ الذي سيُحدثه انسحاب القوات الأميركية من المدن العراقية، فالأبواب لا تزال مشرعة على مصاريعها للتدخلات الخارجية، والأمراض الإثنية والمذهبية لا تزال متفشّية، وصيغة المُحاصَصة المُكْلفة لا تزال تفرض نفسها بقوة، رغم مرور ستة أعوام على سقوط النظام السابق وبداية هذا العهد الجديد الذي بدا واعداً لكنه ما لبث أن أُصيب بانتكاسات خطيرة.

كان يجب تهيئةً لهذه الانسحابات المحدودة والانسحابات النهائية المُفترَضة بعد نحو عامين، أن تنتهي صيغة المُحاصَصة في هرم الدولة من القمة حتى القاعدة، بما في ذلك الجيش والأجهزة الأمنية، وأن تُلغى الجزر المذهبية التي تشكل كلها من دون استثناء، شيعة وسنّة، رؤوس جسور متقدمة للتدخلات الخارجية، التي من المُنتظر أن تتعاظم وترتفع وتيرتها في ضوء الاستقطابات الشديدة التي باتت تتعرض لها المنطقة بعد أحداث إيران الأخيرة.

الآن، هناك متغيِّر في غاية الأهمية، هو أحداث إيران الأخيرة، ولعل ما سيزيد الضغط على العراق هو أن هذا المُتغيِّر قطع الطريق على تفاهم كان متوقعاً بين طهران وإدارة أوباما الجديدة، وهذا يعني أن المواجهة بين إيران وأميركا ستزداد حدة، وأن الساحة العراقية ستصبح ميداناً لهذه المواجهة التي بدأت دموية ومرعبة، والمتوقع أنها ستزداد دموية خلال الفترة المقبلة.

لقد تعاون الإيرانيون مع الأميركيين وسهّلوا لهم غزو العراق، وكان الهدف، بالإضافة إلى التخلص من النظام السابق، إغراقهم في الأوحال العراقية واستنزافهم لمنعهم من الانتقال إلى إيران وبعض الدول المجاورة، وابتزازهم وحملهم على صياغة المعادلة الجديدة لهذه المنطقة على أساس أن تكون الجمهورية الإسلامية بتطلعاتها وإصرارها على تصدير ثورتها إلى الخارج، الرقم الرئيسي في هذه المعادلة.

لهذا، فإن المؤكد أن هذه العمليات البشعة الدموية التي تلاحقت في العراق ستتكرر، إنْ في المناطق التي ضُربت سابقاً وإنْ في مناطق جديدة، والهدف مصادرة الطائفة الشيعية تحت ضغط اختلال الأمن والإرهاب، وإجبارها إجباراً على أن تكون أحد أسلحة المواجهة التي بدأت تحتدم مع الولايات المتحدة، والتي ستزداد احتداماً في داخل العراق وخارجه.

ستكون أيام العراق المقبلة صعبة وقاسية، اللهمّ إلا إذا حُسمت الأمور في إيران وقريباً لحساب الإصلاحيين، وهذا كما هو واضح غير متوقع وغير ممكن، لذلك فإنه على حكومة نوري المالكي أن تتصرف وأن تتعامل مع مستجدات الوضع بالحكمة والحزم في وقت واحد، وكذلك فإنه على العرب كلهم المحادِّين للعراق والبعيدين عنه، ألَّا يبقوا متفرجين، فالنيران التي ستزداد اشتعالاً في هذا البلد العربي، الذي قدره أن يكون في هذا الموقع الجغرافي وهذه التركيبة المذهبية والإثنية وهذا الثراء وهذا العمق الحضاري، سينتقل شررها إلى بلدانهم، وتجربة أفغانستان دليل على ذلك.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

back to top