حين كتبت منذ أيام مقالاً ينتقد البيان الذي أطلقه السيد محمد المهري وأساء من خلاله إلى شيخ الإسلام ابن تيمية ولمن يسيرون على نهجه حيث نعتهم بالتكفيريين، كانت تجري بلبلة وضجة موازية مرتبطة بتداعيات بيانه هذا، حيث علمت بأن مجلة «الفرقان»، وهي مجلة تصدر عن جمعية إحياء التراث الإسلامي، قد قامت بالرد عليه عبر نشر موضوع عن الإمام ابن تيمية، سبقته بمقدمة تسرد تصريح المهري محل الانتقاد، وكذلك بصورة، كانت هي صورة غلاف العدد أيضاً، ظهرت فيها سمكة قرش (جرجور) فاغرة فمها كأنها توشك أن تنهش شيئاً ما، وعلى رأسها عمامة سوداء، وقد كتب فوقها: هذا هو الإمام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله يا مهري!

Ad

وعلى إثر الضجة قرأت تصريحاً للدكتور بسام الشطي، رئيس تحرير مجلة «الفرقان»، قال فيه إن الصورة، يقصد صورة (الجرجور أبو عمامة)، لا تعني المهري لا من قريب ولا من بعيد، وأنها تأتي رداً على تصريحات رئيس الأركان الإيراني، فبحثت عن العدد المذكور لأرى بنفسي، وجلست بعدها أقلب كفي مستغرباً!

يا سادتي. الحق أحق أن يتبع، وقد قال الله عز وجل «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاء بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُواْ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ»، لقد كانت الصورة مرفقة بموضوع ابن تيمية، وفوقها عبارة صريحة صارخة تشير إلى السيد المهري، ولا يوجد للموضوع أي ارتباط برئيس الأركان الإيراني، لا من قريب ولا من بعيد، بل لا يوجد لرئيس الأركان الإيراني أي علاقة بالعدد كله من أوله إلى آخره، كما أن رئيس الأركان الإيراني لا يرتدي أصلا عمامة سوداء، فكيف يراد لأي عاقل أن يصدق الكلام الذي جاء به الدكتور الشطي؟ ما لكم كيف تحكمون؟!

لقد كان الأنبل والأكثر فروسية أن تقول المجلة وبكل شجاعة، نعم إننا نقصد السيد المهري، وهذه هي طريقتنا في الرد على إساءته لشيخ الإسلام، ونحن على استعداد لتحمل نتيجتها وليكن ما يكون، أو لعله كان الأحفظ لماء الوجه لو أنها قالت: نعم إننا نقصده، ولكننا أخطأنا ونعتذر، وأن تحاول «لملمة» الموضوع، ولكن أن تقول إن الصورة لا تقصد المهري، فهذا كلام لا يقبله منصف عادل يخاف الله!

نعم، إن من حق مجلة «الفرقان» أن ترد على المهري، وعلى من سواه، سواء في هذا الموضوع أو غيره، ومن حقها أن تسلك كل السبل التي تراها مناسبة، شريطة أن تتحمل بعد ذلك مسؤوليتها الشرعية والقانونية والأخلاقية تجاه ذلك، وأما أن توقع نفسها في مثل هذا الموقف، فهذه سقطة كبيرة، في حق مجلة «الفرقان»، وفي حق رئيس تحريرها، بل وفي حق كل جمعية إحياء التراث الإسلامي ناشرة المجلة، وهي الجمعية التي نقدر ونحترم، ولطالما رأينا أياديها البيضاء في أعمال البر والخير!

نداء أوجهه إلى جمعية إحياء التراث بأن تحرص، كما عهدناها دائماً، على أن تبتعد عن كل ما من شأنه أن يثير الفتن والاستفزازات الطائفية، وألا تسمح لخصومة أو اعتراض على تصرفات فرد أو جهة بعينها أن تجرها إلى استفزاز شريحة كبيرة من أبناء هذا الوطن، منهم مَن يساهمون في دعم أعمال هذه الجمعية، وقد رأيت هذا بأم عيني، وإن كان المهري قد تطاول في تصريحه على رمز من رموزنا الدينية، فليس هذا مسوِّغاَ لأن نتطاول نحن فنرد باستفزاز كل الشيعة عبر الإساءة إلى (العمامة السوداء) التي تمثل عندهم دلالة دينية معتبرة.

وكذلك همسة أخوية في أذن الدكتور بسام الشطي، لقد أخطأت يا سيدي فلا تكابر، والفرسان هم من يعترفون بأخطائهم ويتحملون عواقبها!