لن تُحرم حنين زغبي، عضوة عربية في الكنيست الإسرائيلي، من امتيازاتها البرلمانية، رغم تبني لجنة برلمانية (بأغلبية سبعة أصوات مقابل واحد) الأسبوع الماضي توصيات بضرورة معاقبتها لإبحارها مع ناشطين أتراك ودوليين في محاولة لكسر الحصار الإسرائيلي على غزة. وذكر رئيس الكنيست روبن رفلين أنه سيتجاهل هذه التوصيات ولن يطرحها في جلسة عامة لتحظى بالموافقة، وأكّد أنه حصل على الدعم غير المعلن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

Ad

يوضح رفلين أن إعفاء زغبي (41 سنة) من العقاب سيوفر على إسرائيل المزيد من الانتقادات الدولية نتيجة اعتراض قواتها البحرية سفينة "مافي مرمرة" في 31 مايو، حادثة أودت بحياة 9 أتراك. كذلك دفع الضغط العالمي وزارة الأمن الإسرائيلية إلى الإعلان أنها ستخفف الحصار الإسرائيلي على غزة. فستعمل إسرائيل على خفض عدد السلع المحظورة وستسمح بدخول مواد البناء إلى غزة تحت إشراف الأمم المتحدة.

علاوة على ذلك، عيّن رئيس الوزراء الإسرائيلي لجنة تحقيق يرأسها قاضٍ متقاعد مهمتها مراجعة سلوك قوات البحرية. وستشمل هذه اللجنة أيضاً مراقبين أجانب، هما: ديفيد تريمبل، رئيس سابق لمجلس تقاسم السلطة في أيرلندا الشمالية حائز جائزة نوبل للسلام، وكن واتكين، نائب عسكري عام سابق في كندا.

لكن سن الأعضاء الإسرائيليين الثلاثة في اللجنة أثارت شكوكاً قوية حول رغبة نتنياهو في التحقيق في هذه الحادثة. فسيعاون القاضي البالغ من العمر 75 سنة جنرال سابق في السادسة والثمانين من عمره ودبلوماسي ومحامٍ سابق في الثالثة والتسعين.

يرى رفلين في الهجوم شبه العام على امتيازات زغبي، التي كادت تتعرض للضرب على يد عضوة أخرى في الكنيست عندما حضرت الجلسة العامة، دليلاً على التراجع المحزن للتقاليد الديمقراطية والبرلمانية الإسرائيلية. لذلك يسأل: "هل كانوا سيقدمون على خطوة مماثلة لو كانت زغبي يهوديةً؟".

يُعتبر رفلين، الذي يعرفه الجميع باسم "روبي"، دبلوماسياً نادراً، فهو ليس ديمقراطياً قديم الطراز فحسب، بل أيضاً متشدد يُطالب بدولة إسرائيلية كبرى تضم كامل الأراضي الفلسطينية ويُمنح فيها فلسطينيو الضفة الغربية وقطاع غزة الجنسية الإسرائيلية.

و يوضح رفلين: "يشكّل الإسرائيليون العرب وسيلتنا الوحيدة للتعايش معاً بسلام، ونحن نخفق في صون هذه الوسيلة". بيد أن الكثير من الإسرائيليين الليبراليين يعتقدون أن احتلال الأراضي الفلسطينية طوال 43 سنة يعلل تراجع الديمقراطية الإسرائيلية بشكل متواصل.

يذكر البروفسور مردخاي كريمنيتزر، محام أكاديمي ونائب رئيس المعهد الإسرائيلي للديمقراطية (مؤسسة فكرية بارزة): "طوال جيلين، حرمنا الناس في الجانب الآخر من الخط الأخضر من حقوقهم الديمقراطية. ولا شك أن هذا سيؤثر في قيم مجتمعنا الديمقراطية. ويحاول مَن يشعرون بالعار تبرير ذلك بالقول: "لا خيار أمامنا". أو يتحدثون عن "الاعتبارات الأمنية" أو يوضحون "فرادة" صراعنا مع العرب. لكن كثيرين آخرين لا يشعرون بالعار البتة...".

يعتقد كريمنيتزر أن الخطر لا يقصر على فقدان الأقلية العربية في إسرائيل شرعيتها، بل قد يعاني المصيرَ ذاته كل مَن يتجرأ على انتقاد سياسة الحكومة، خصوصاً المستوطنات اليهودية في الأراضي المحتلة.

ويربط كريمنيتزر هذا "الميل البشع" بما يدعوه "حملة شعواء ضد المجتمع المدني". فقد صُدم الإسرائيليون الليبراليون واليساريون في وقت سابق من هذه السنة عندما لاحظوا مدى قوة الحملة الواسعة النطاق التي شُنت ضد الصندوق الجديد لإسرائيل، مؤسسة خيرية عريقة تنشط في قضايا ليبرالية تعني اليهود والعرب على حد سواء. فظهرت على لوحات الإعلانات صور كاريكاتورية ساخرة لرئيستها، ناعومي حزان، باحثة وعضوة سابقة في الكنيست. كذلك اتُّهم الصندوق بدعم منظمات غير حكومية قدّمت أدلة إلى تحقيق الأمم المتحدة الذي ترأسه ريتشارد غولدستون وتناول اعتداء إسرائيل على غزة في شهر يناير السنة الماضية، مع العلم أن معظم الإسرائيليين يمقتون هذا التحقيق. لكن رفلين هو اليميني الوحيد الذي يثني على حزان ويصفها بأنها "صهيونية عريقة تؤمن بالمبادئ الصهيونية بقدري أنا". ويؤكد أن سوء المعاملة الذي تعرضت له آلمه.

لكن كريمنيتزر يستدرك قائلاً إن "إنقاذ الديمقراطية الإسرائيلية مازال ممكناً". ويضيف: "من الضروري أن نناضل في سبيلها"، ثم يشير إلى أن رفلين حصنٌ "من دونه كانوا سيرمون الأحزاب العربية خارج الكنيست". ويذكر أن رفين قلق بسبب اللامبالاة التي ينغمس فيها الكثير من الإسرائيليين الليبراليين المثقفين. فيروح هؤلاء يتحدث عن "هجرتهم الداخلية" ويتوقفون عن قراءة الصحف أو متابعة التطورات السياسية.

يرى ألكسندر ياكوبسن، عالم سياسي في الجامعة العبرية في القدس، وجهاً أكثر إشراقاً. يذكر: "يبقى مقدار العنف الفعلي بين الإسرائيليين العرب والإسرائيليين اليهود ضئيلاً. وهذا مذهل ومشجع في آن واحد، نظراً إلى طول الصراع وحدته". ويتابع موضحاً أن حرية التعبير والتسامح الجنسي والديني أقوى من أي وقت مضى.

لكن طالبة عربية إسرائيلية في جامعة تل أبيب تقدمت بشكوى لدى الشرطة لأنها دُفعت، ورُفست، وضُربت فيما كانت مارة بجانب تظاهرة مناهضة لتركيا في حرم الجامعة. تخبر فاطمة عيسى: "مر يومان قبل أن أطلع أهلي على ما حدث. فلطالما قالوا لي إن الأجواء جيدة في جامعة تل أبيب".