يبدي المراقبون في بيروت حذراً شديداً في تقييم الأبعاد السياسية التي يمكن أن تترتب على الانقسام الذي شهده مجلس الوزراء اللبناني في شأن الموقف من التصويت في مجلس الأمن على قرار العقوبات على إيران.
فبينما اعتبر بعضهم أن تعادل الأصوات داخل الحكومة بين مؤيدي التصويت برفض العقوبات (14 وزيراً ينتمون إلى أمل وحزب الله وتكتل التغيير والإصلاح وفريق رئيس الجمهورية) من جهة، ومؤيدي الامتناع عن التصويت (14 وزيراً ينتمون إلى قوى 14 آذار واللقاء الديمقراطي برئاسة النائب وليد جنبلاط) من جهة مقابلة، جاء بمنزلة مخرج معد سلفاً بين المعنيين المحليين (رئيس الجمهورية ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري ورئيس مجلس النواب نبيه بري والأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله الذي زاره الحريري عشية جلسة التصويت)، وبين المعنيين الإقليميين (سورية والسعودية)، يرى بعضهم الآخر أن ما شهدته طاولة مجلس الوزراء يُعتبر مؤشراً على شرخ إقليمي بين الرياض ودمشق لابد أن يجد امتداداته المحلية من خلال العلاقة بين مختلف الفرقاء السياسيين على الساحة اللبنانية عموماً وداخل مجلس الوزراء خصوصاً.وبحسب قريبين من سليمان فإن رئيس الجمهورية حرص على إيجاد مخرج لا يظهر فيه أي من الفرقاء اللبنانيين في موقع المنتصر على الآخر، ولذلك فقد ارتأى من خلال إدارته لدفة التصويت والإيعاز إلى وزير الدفاع الياس المر، والداخلية زياد بارود بالوقوف إلى جانب دعاة التصويت في مجلس الأمن برفض العقوبات الدولية على إيران لتحقيق التعادل في الأصوات مع دعاة الامتناع عن التصويت، بحيث يأتي الامتناع عن التصويت في نيويورك ترجمة لاستحالة توصل الحكومة إلى قرار، لا نتيجة لتمكن فريق الأكثرية النيابية في الحكومة من تمرير وجهة نظره على حساب تحالف قوى 8 آذار.ويعتبر القريبون من رئيس الجمهورية أن من شأن السيناريو المشار إليه أن يكرس معادلة التعادل السلبي سياسياً بين الفرقاء اللبنانيين، مما يوفر على الوضع اللبناني الداخلي بشقيه السياسي والحكومي صدامات من المستحسن الابتعاد عنها في هذه المرحلة الدقيقة إقليمياً ودولياً.في المقابل، يرى القريبون من قوى 14 آذار أن موقف رئيس الجمهورية جاء امتداداً لملامح تموضع جديد بدأ به منذ أسابيع من خلال تبنيه التدريجي لوجهة نظر حلفاء حزب الله وحلفائه بدءاً بمثلث "الشعب والجيش والمقاومة" كأساس للاستراتيجية الدفاعية، وصولاً إلى تأييد داعمي التصويت برفض العقوبات الدولية على إيران في مجلس الأمن. ويعتبر هؤلاء أن رئيس الجمهورية يكون بذلك في موقع المساهم إلى جانب حزب الله وحلفائه في تجاوز القواعد التي بُني عليها اتفاق الدوحة، والتي على أساسها اعتُبر سليمان رئيساً توافقياً، على مسافة واحدة من فريقي الصراع الأساسيين على الساحة اللبنانية (قوى 14 آذار وقوى 8 آذار).لكن مصادر دبلوماسية واسعة الاطلاع في بيروت تدعو إلى التعاطي مع ما شهده مجلس الوزراء اللبناني على خلفية المشهد الإقليمي، ولاسيما من زاوية العلاقات السورية – السعودية. وتعتبر هذه المصادر أن الشرخ داخل الحكومة اللبنانية يمكن أن يكون نتيجة تعثر في العلاقات المستجدة بين دمشق والرياض، بحيث لم تماش سورية المملكة العربية السعودية في مساعيها إلى استيعاب دمشق داخل موقف المجموعة العربية من القضايا الإقليمية المهمة وخصوصاً ملف القضية الفلسطينية والملف النووي الإيراني. وتدعو هذه المصادر بالتالي إلى انتظار ما يمكن أن تحمله الأيام القليلة المقبلة من معطيات في هذا المجال بحيث تتضح طبيعة العلاقات السورية - السعودية بالاستناد إلى طبيعة انعكاساتها على الساحة اللبنانية التي للجانبين فيها حلفاء وأصدقاء وقدرات على التأثير.
آخر الأخبار
موقف لبنان من العقوبات: سيناريو منع اشتباك أم تعثر في العلاقات السورية – السعودية؟
11-06-2010