كويت ليلة القدر والمراقص


نشر في 30-09-2009
آخر تحديث 30-09-2009 | 00:01
 أحمد عيسى غريبة هي الكويت، غادرتها على وقع عنوان الصفحة الأولى لجريدة «القبس» يوم الجمعة 18 سبتمبر الذي جاء فيه أن 120 ألفاً أدوا صلاة قيام ليلة القدر بالمسجد الكبير، وعدت إليها بعد أسبوع على وقع عنوان صفحة أولى لصحيفة أخرى يوم الجمعة 25 سبتمبر بأن في الكويت بارات ومراقص ديسكو.

أسبوع واحد فصل محيو ليلة القدر عن مرتادي المراقص في الكويت، حقاً هي مفارقة غريبة، لا يمكن أن تحدث أبدا سوى في مجتمع متناقض، يعاكس ما يظهره.

وجود مراقص وخمارات في الكويت لا يعنيني، تماماً مثلما لا يعنيني ارتياد 120 ألف مصل للمسجد الكبير لأداء صلاة القيام ليلة القدر، لكن ما يشغلني فعلاً مدى التسطيح الذي نعيشه، فمن غير المعقول أن تظهر صحافتنا الكويت متناقضة بهذا الشكل، فخلال أسبوع واحد تحولنا من مجتمع مؤمن إلى مجتمع داعر.

في مسألة الخمر، الكويت دولة يحكمها القانون، وهي واحدة من أصل أربع دول في العالم تحظر بيع الخمور، إلى جانب المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية وجمهورية السودان، وبالتبعية هناك قانون يمنع إقامة الحفلات العامة إلا بتصريح من وزارات الإعلام والتجارة والداخلية، وإدارة مباحث الآداب مع بلدية الكويت تشن على الدوام حملات على المحال، وتوقع عقوبات قانونية ومالية على مَن يثبت مخالفته للقانون.

أين المشكلة؟ حقيقة لا أعرف، فقد تابعت مساء الأول من أمس ندوة تجمع ثوابت الأمة، ضمت نوابا إسلاميين في البرلمان، جاء فيها قولهم إن الكويت انتشرت فيها الرذيلة، وما يحدث في جزيرة كُبّر انتقل إلى داخل الكويت، كما يعرفون مسؤولين كبارا يرعون الفساد الأخلاقي، ثم عادوا وألمحوا إلى مسؤولية رئيس الوزراء عن تفشي الرذيلة في الكويت.

نواب في البرلمان يملكون صلاحيات دستورية تتيح لهم كامل الرقابة على أداء الحكومة ووزرائها، يقابلها أدوات تشريعية متعددة تمكنهم من إصدار ما يريدونه من قوانين تضيِّق أو توسِّع دائرة التجريم، لكنهم مع ذلك يفضلون المشاركة في ندوة عامة بدلاً من ممارسة دورهم النيابي في البرلمان، حتى مع تحفظي الشديد على أداء بعضهم.

في الكويت خمور، نعم، بدليل الكميات المهولة التي تتلف سنوياً، والضبطيات التي تعلنها وزارة الداخلية وإدارة الجمارك، في الكويت دعارة؟ رغم أنني أشك في ذلك، لكنني سأذهب إلى الاتجاه الذي يقول نعم، بموجب مداهمات أوكار الدعارة الآسيوية الرخيصة في الحساوي والجليب، هل الكويت مجتمع تفشت فيه الرذيلة؟ بموجب ما قاله النواب: نعم... إذن لماذا لا تمارسون دوركم وتحاسبون المسؤولين عن ذلك، وتكشفونهم أمام الرأي العام بدلا من المزايدة على ذلك أمام الشارع؟!

منذ عشرين عاما، سيطر الإسلاميون على الكويت، وسلم لهم النظام مقاليد الإدارة، وجاءت النتيجة بعد كل هذا التشدد، أن في الكويت اليوم مراقص وخمارات، وفيها تفسخاً أخلاقياً، وتحولت بعض مناطقها إلى أوكار دعارة تستقطب سياحاً من الخليج، وصارت «باريس الخليج» أيام عبد الله السالم «أمستردام الخليج» في أيام الشيخ ناصر المحمد.

أي تسطيح وتسفيه تريدون أكثر من ذلك؟ لدينا في الكويت «نواب شارع»، يفضلون ممارسة دورهم بالشارع بدلاً من البرلمان، وبيننا من يصفنا بأقذع الأوصاف، ويكيل التهم والشتائم لخصومه باسم الدين، والأخطر من هذا، تغافلنا عن أن مَن يتعدى على المال العام بإمكانه أن يتصدر قائمة أشرف الناس إذا دافع عن أخلاق المجتمع.

back to top