كي تكون المصالحة مُجْدية

نشر في 12-01-2010
آخر تحديث 12-01-2010 | 00:00
 صالح القلاب حتى لو لم تصح تقديرات المتشائمين والتقى محمود عباس (أبومازن) "صديقه اللدود" الشيخ المجاهد خالد مشعل خلال زيارته المرتقبة لدمشق، وبكى كلٌّ منهما على صدر الآخر بحرقة العاشقين، فإن كل هذا لن يقدم شيئاً ولن يؤخر شيئاً مادام لـ"فتح" برنامجها تجاه العملية السلمية ولـ"حماس" برنامج آخر معاكس، ومادام هناك دولة "رافضةٌ" في غزة ودولة من نمط آخر في الضفة الغربية.

إن أهمية أن تكون هناك مصالحة فلسطينية- فلسطينية في هذا الوقت بالذات هو أن استحقاقات عملية السلام غدت تطرق الأبواب بقوة وأن المفاوضات المتوقفة قد تُستأنف في أي لحظة مما يستدعي أن تُنتزع من يد بنيامين نتنياهو تلك الحجة المُفتعلة القائلة إن إسرائيل لا تجد الطرف الفلسطيني الذي من الممكن أن تفاوضه، وأن (أبومازن) لا يمثل الفلسطينيين كلهم مادام هناك دولة في غزة ودولة في الضفة الغربية، وأن لكُل دولة من هاتين الدولتين مواقفها المتعارضة مع موقف "شقيقتها" الأخـرى بالنسبة إلى العملية السلمية.

لن يفيد تبادل تبويس اللحى، وتبادل العناق ولا حتى توقيع ورقة المصالحة التي أعدتها مصر بعد جهود مضنية وإخْفاقات وصلت إلى فقدان الأمل ما لم تَتبنَّ حركة حماس، قبل استئناف المفاوضات التي قد تستأنف في أي لحظة، برنامج منظمة التحرير الذي هو برنامج الحد الأدنى الذي وافقت عليه كل الفصائل الحقيقية والوهمية المنضوية في إطار هذه المنظمة في دورة المجلس الوطني التي انعقدت في الجزائر، وأصدرت بيان "الاستقلال" الشهير في الخامس عشر من نوفمبر 1988.

إن المعروف أن "حماس" ظلت ترفض الالتحاق بمنظمة التحرير مثلها مثل الفصائل الأخرى، وأنها لاتزال ترفض الاعتراف بهذه المنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، واستطراداً لاتزال ترفض برنامجها السياسي المتعلق بالحلول السلمية وعملية السلام، ولهذا فما الفائدة من أن يلتقي (أبومازن) خالد مشعل، وأن يبكي كلُّ واحد منهما بكاءً مُرّاً على صدر الآخر إذا بقيت النوايا غير صادقة والظنون غير صافية، وإذا بقيت "حماس" في خندقها الحالي، ولم تتخل تخلياً بائناً بينونة كبرى عن "فسطاط الممانعة" الذي نسيته إيران في حمأة انشغالها بأوضاعها الداخلية الملتهبة.

جميل أن تكون هناك هدنة بين الذين من المفترض أنهم أبناء قضية واحدة، وجميل أن تتوقف الاتهامات المتبادلة بين فضائية فلسطين وفضائية الأقصى، لكن يبقى الأهم من كل هذا توحيد موقف التنظيمين "فتح" و"حماس" وفقاً لبرنامج منظمة التحرير الذي هو برنامج الحد الأدنى المعترف به وبهذه المنظمة دولياً، والذي تؤيده وتسانده كل الدول العربية، لأن مبادرة هذه الدول الشهيرة والمعروفة تتطابق معه بصورة كاملة وكلية.

إن هـذه مسألة، وهي مسألة في غاية الأهمية، بدونها لا أهمية ولا قيمة لأي لقاء بين (أبومازن) وخالد مشعل، اللهم باستثناء التمهيد للقمة العربية الدورية التي من المفترض أن تنعقد هذه المرة في الجماهيرية الليبية العظمى، وهناك مسألة أخرى هي ضرورة أن تجرى انتخابات رئاسية وتشريعية في الحال، ووفقاً لقوانين السلطة الوطنية النافذة، فالعالم الذي تحول تحولاً جديّاً وحقيقياً تجاه قضية فلسطين، ينتظر أن يكون هناك موقف فلسطيني واحد وألَّا تبقى "حماس" تغرد وحدها خارج منظمة التحرير الفلسطينية، وأن ينتهي هذا الانقسام في أقرب فرصة ممكنة، وأن تلتقي دولة غزة وتصبح هي ودولة الضفة الغربية دولة واحدة، هي الدولة المستقلة المنشودة.

 

 

كتاب الجريدة يردون على تعليقات القراء

يمكنك متابعة الكاتب عبر الـ RSS عن طريق الرابط على الجانب الايمن أعلى المقالات السابقة

back to top