تسلط «الجريدة» الضوء على بعض المقترحات التي تتناولها الآراء الاقتصادية للوقوف على حلول تساهم في حل المشاكل التي يتعرض لها بعض الشركات الاستثمارية، بعد انخفاض رؤوس أموالها إلى ما دون الـ 15 مليون دينار.

Ad

"يجب ألا يقل رأسمال الشركة الاستثمارية عند تأسيسها عن 15 مليون دينار"... شرط أساسي وضعه بنك الكويت المركزي لإدارة وتنظيم عملية إنشاء شركات استثمارية جديدة في الكويت، حتى تلتزم الشركات بأدنى رؤوس الأموال الممكنة للقيام بنشاطها الرئيسي التي أسست بناء عليه والذي يتطلب مبالغ "مقبولة" حتى تحقق الغرض الأساسي لها.

لكن مع حدوث الأزمة المالية وتأثيراتها العميقة على القطاع الخاص الكويتي، وأشدها كانت على القطاع المالي من بنوك ومؤسسات استثمارية، أدت إلى حدوث حالة من الارتباك في ما بين الغالبية العظمى من الشركات الاستثمارية خصوصاً تلك التي خسرت أجزاء كبيرة من رؤوس أموالها، وإجراء العديد من العمليات "التصحيحية" لأوضاعها المالية بشتى الطرق المختلفة سواء تلك التي اعتمدت على إجراء عمليات جدولة على ديونها لدى البنوك الدائنة أو التي زادت رأسمالها لتغطية الخسائر التي حققتها أو غيرها من السيناريوهات التي رأيناها منذ بداية الأزمة.

نركز في تقريرنا على "قطاع" الشركات الاستثمارية التي خسرت أجزاء من رؤوس أموالها جعلتها تتجاوز "المحظور" من قبل "المركزي" الكويتي، وهو انخفاض رأس المال عن 15 مليون دينار وهو الشرط الأساسي في إنشاء الشركات الجديدة، ما جعل التحليلات المالية تذهب يميناً ويساراً للوصول الى حلول قانونية لهذه المشاكل تحول دون تعرض القطاع المالي لهزات عنيفة، وهو الذي لم يكد يبدأ مرحلة التعافي حسب آراء وتصريحات العديد من مسؤولي شركاته السابقة. ورجحت آراء محللين التقتهم "الجريدة" بعضاً من الحلول التي تراها مناسبة لمعالجة هذه المشكلة، وهي:

أولا: زيادة رأس المال

إذا ما تعرضت شركة لفقدان جزء من رأسمالها وانخفاضه تحت مستوى الـ15 مليون دينار فإنها مطالبة بزيادة رأسمالها مجدداً لإعادته مرة أخرى الى المستوى المطلوب له، وهذا ما اتضح جلياً كتوجه حالي لدى "المركزي" لحل هذه المشكلة بعد أن أمهل "غلف إنفست" 3 أشهر لتقوم بزيادة رأسمالها بما يغطي خسائرها الحالية.

ولكن يشير المراقبون إلى أن هذا التوجه من المؤكد أنه سيصطدم بعراقيل تحول دون إتمامه من ضمنها:

- عدم قدرة الشركة على زيادة رأسمالها بسبب امتناع المساهمين عن الاكتتاب في الزيادة لظروف مختلفة تشمل بالتأكيد عدم قدرتهم على الاكتتاب لمشاكل تعترضهم في السيولة.

- أو عدم اقتناعهم بمدى جدية الشركة وجدوى الزيادة في حل المشاكل التي تتعرض لها وإعادة المركز المالي القوي للشركة الذي اهتز بقوة من هذا الأمر.

- وربما أيضاً ستعاني بعض الشركات من فقدان ثقة مساهميها جراء بعض الممارسات السلبية التي ارتكبها مسؤولوها والتي أدت الى إحداث المشاكل الحالية التي تتعرض لها الشركة، وبالتالي من المحتمل أن يتجه هؤلاء المساهمون الى "العزوف" عن الاكتتاب في زيادة رأس المال المقترحة كنوع من "توجيه" رسائل تحذيرية لتلك الشركات.

- من المؤكد أن تقترح بعض الشركات التي تنوي زيادة رؤوس أموالها أن تخصص هذه الزيادة للبنوك والمؤسسات الدائنة لها، وسداد جزء من مديونياتها على شكل أسهم تخصص لهم، وهذا ما قد يتعرض لرفض الجهات الدائنة له نظراً الى الحاجة الماسة في الأوقات الحالية الى السيولة، أو لعدم ثقتها بأداء بمستوى أداء الشركة بعد الانتهاء من أزمتها الحالية.

ثانيا: تأميم الشركات

تأميم الشركات المتضررة، وإعادة إحياء فكرة دخول المؤسسات الحكومية كالهيئة العامة للاستثمار على سبيل المثال في الاكتتاب في زيادة رأسمال يخصص لها فقط، أو شراء الشركة بالكامل، وتحويل ملكيتها بالتالي للحكومة والتي تقوم بدورها بإدارة هذه الشركة والخروج بها من أزمتها الحالية وتحسين الأوضاع المالية لها، لكن من المتوقع أن يتعرض هذا المقترح أيضاً لبعض المعوقات مثل:

- ليس جميع الشركات المتضررة ذات ملاءة مالية جيدة، وبالتالي يجب على الحكومة أن تكون واضحة في اختياراتها بالدخول لمساعدة تلك الشركات، فإن لم تكن الشركة جيدة بالأساس فلماذا إذاً تقوم الحكومة بمساعدتها !!

- إن لم تكن الشركة ذات ملاءة مالية جيدة، فما العمل معها؟ وهل تترك لمواجهة مصيرها المحتوم وهو "الإفلاس" والتصفية! ربما يبدو الأمر أقرب الى الواقع خصوصاً بعد تصريحات محافظ "المركزي" الشيخ سالم الصباح بأنه ليس من المستبعد والمستغرب أن نرى شركات استثمارية تفلس خلال هذه الأزمة!

- في حالة شراء الحكومة للشركة أو حصولها على حصة الغالبية فيها، فمن المتوقع أن يفتح مجلس الأمة النيران مجدداً على الحكومة وظهور العديد من التساؤلات من قبله بشأن مساعدتها للشركات وتجاهلها مساعدة المواطنين حسب مطالباتهم بشأن إسقاط القروض أو فوائدها عنهم؟ ولماذا تشتري الحكومة أساساً شركات تعرضت لخسائر؟ وما الفائدة التي ستحققها منها؟

ثالثاً: مجلس إدارة يمثل «المركزي»

حل مجلس إدارة الشركة المتضررة وتعيين مجلس جديد يمثل "المركزي"، وتقول الآراء المؤيدة لهذا المقترح إن:

- "المركزي" يقوم بإدارة الشركة الاستثمارية المتضررة عن طريق مجلس إدارة يقوم بتعيينه بالكامل كبديل عن المجلس الحالي، وتكون مهتمه إدارة الأوضاع الراهنة للشركة والوقوف على قوة ملاءة الشركة المالية ومدى تأثير الحلول المقترحة من قبله لإنقاذها من أزمتها الحالية.

- القيام بإدارة الشركة لحين اتضاح الرؤية بشأن الأوضاع الكاملة لها وتقديم تقرير إلى "المركزي" الذي يقرر بالنهاية طريقة العلاج، سواء بمساعدتها أو تصفيتها نهائياً.

- وتشترط الآراء أنه في حالة مساعدة الشركة فإنه من الواجب على "المركزي" أن يقوم بانتخاب مجلس إدارة جديد يمثل ملاك الشركة مرة أخرى بعد أن ينتهي من حل الأزمة وانتهائها بالنسبة لها، لكن باشتراط ألا يعود المجلس القديم أو أي عضو منه للمجلس الجديد.

- كما أن أعضاء المجلس الذي تمت تنحيته يجب ان يتعامل بنفس قوانين أعضاء المجلس الحاليين في ما يتعلق بعدم التصرف في أسهمه لحين السماح له من قبل الجهات المختصة.

رابعاً: آخر العلاج... «التصفية»

تؤكد الآراء أنه إذا لم تساهم جميع الحلول المقترحة السابقة في إبقاء الشركة "على قيد الحياة" فلابد بالنهاية من اللجوء الى الحل الذي لا يرتضيه الجميع، ألا وهو تصفية الشركة وإعلان إفلاسها رسمياً.

فمع تأكيدات محافظ "المركزي" سابقاً أن هناك شركات ليست ذات ملاءة قوية "عدمها" أفضل من "وجودها" بالنسبة الى القطاع المالي في الكويت، وافتراض إفلاس بعضها وارد، فإنه ليس من المستبعد أن نرى حدوث هذا الأمر فعلاً.