حثَّ رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ ناصر المحمد، الأسبوع الماضي، المجلس الأعلى للبترول على الاستعانة بالخبرات النفطية العالمية المميزة لاسيما في مجال الاكتشافات البترولية، مشيراً

Ad

إلى أن هذا الأمر "يعد هدفاً أصيلاً نحو دفع الجهد وحشد الهمم والطاقات للوصول

من خلاله إلى نتائج إيجابية تحقق الرفاهية للشعب".

وبشأن هذا التصريح استطلعت "الجريدة" آراء مجموعة

من خبراء النفط في الكويت للتعرف إلى أهمية الاستعانة بالشركات النفطية العالمية، خصوصاً بعد أن فقدت هذه الشركات الثقة بتعاونها

مع الكويت، مما قلّص أعمالها وجعلها تتجه إلى الجار العراق الذي يتجه بشكل جدي

إلى زيادة إنتاجه من النفط،

من خلال إبرام عقود مع الشركات العالمية لتطوير حقوله.

أشار عضو مجلس الإدارة الرئيس التنفيذي لشركة إيكاروس للصناعات النفطية سهيل بوقريص إلى أن جرس الإنذار يقرع حالياً، إذ بدأ العراق خطوة كبيرة وستكون لديه قفزة نوعية إن استمر في خططه بقطاع النفط، إذ تم توقيع اتفاقيات كثيرة لتطوير حقوله مع شركات عالمية للوصول إلى قدرات إنتاجية كبيرة، وهذا الأمر هو الحل الوحيد لكسب الوقت في تطوير مكامنهم وحقولهم.

وأوضح بوقريص أن الكويت لم تجار هذه الأحداث ولن تستطيع التقدم بالقدرات المحدودة ولن تحقق الاستراتيجية التي تم وضعت للوصول إلى إنتاج 4 ملايين برميل يومياً، فمن الضروري أن نستعين بمساعدة الشركات الأجنبية العالمية.

وأكد أن الأساليب والقوانين التي وضعت في السابق للاستعانة بالشركات النفطية وعدم تعارضها مع قوانين الثروة النفطية لن تكون الدافع الآن للشركات العالمية ان تطور حقول الكويت بالشكل المطلوب.

وأوضح أن المناخ السياسي الحالي في الكويت تحسّن نسبياً ونتمنى أن يستمر، وهو ما نراه واضحاً بتمرير كثير من القوانين بشكل سهل، وكل ذلك يساعد على استعادة الثقة للقطاع النفطي بشكل عام.

وقال إن دعوة سمو رئيس الوزراء إلى الاستعانة بالشركات العالمية النفطية خطوة ايجابية ويجب أن تؤخذ بجدية وحذر، طالباً أن تُنتهز الفرصة المناسبة بشرط وجود الشفافية التي تريح كل الأطراف، وان يوضح أن الاستعانة بالشركات العالمية ستكون للمصلحة العامة، وان لم نسرع بهذا الأمر فستخسر الكويت الكثير.

وأشار بوقريص إلى أن الكويت خسرت الشركات الاجنبية في صناعة البتروكيماويات والمقاولات، حيث تبذل الشركات جهوداً ومن ثم تُلغى المشاريع، مما يتطلب منا أن نكسب ثقتهم مرة أخرى.

وعما إذا كان طلب الاستعانة بالشركات العالمية النفطية إشارة إلى عودة مشروع حقول الشمال قال: "اللبيب بالإشارة يفهم" فجار الكويت العراق الذي لديه مشاكل سياسية أقدم على الاستعانة بالشركات العالمية وقطع شوطاً كبيراً فيها رغم وجود معارضة برلمانية في البداية، بالإضافة إلى تبادل الاتهامات في ما بينهم، ومع ذلك تم توقيع العقود لتطوير حقولهم، موضحاً أن طلب الاستعانة بالشركات العالمية برسالة  واضحة يجب ترجمتها إلى عمل، وعلى السلطة التشريعية أن تتفهم هذا الأمر، وما هي حجم الفرص التي ستخسرها الكويت؟

لا مصداقية أمام الشركات العالمية

من جهته، قال نائب رئيس مجلس إدارة الشركة المتحدة للمشروعات النفطية خالد الهارون، إن القطاع النفطي فقد مصداقيته أمام الشركات العالمية والأطراف الأخرى الخارجية، وبدأ ينسحب من كثير من المشاريع وقام بتقليص الأيدي العاملة المؤهلة وعوضهم بأشخاص أقل كفاءة وجودة، مؤكداً أن هذا الأمر انعكاسة سيئة على الكويت وعلى نوعية العمل في القطاع النفطي الذي كان متميزاً في السابق.

وقال الهارون إن القطاع النفطي يعد عصب الاقتصاد الكويتي ولا يمكن التلاعب بهذا القطاع والاعتماد على أقل الاسعار في المشاريع أو دخول جوانب سياسة تؤثر في بعض القرارات، مشيراً إلى أن هناك مشاريع كثيرة تم عرقلتها بداية من مشروع الشمال والمصفاة الرابعة والشراكة مع داو كيميكال، وهذا الأخير الذي ضيع على الكويت فرصة ثمينة للتوسع وتعد "وصمة عار" بحق المجلس الأعلى للبترول، الذي يعد مجلس وزراء مصغراً، وكان من المفروض أن يدافع بشراسة عن المشاريع الاستراتيجية في قطاع النفط.

وأوضح الهارون أن الشركات العالمية النفطية سواء على مستوى الإنتاج أو الاستكشاف أو الشراء بدأت تفقد مصداقية تعاملها مع الكويت، مشيراً إلى دخول بعض الشركات الهندية والصينية وفوزها بأقل الأسعار، مما ينعكس سلباً على نتائج المشاريع بينما يغض الطرف عن الشركات الكبرى التي قلّصت أعمالها في الكويت، إذ تم تضييق الخناق عليهم، مضيفاً: إذا قام المجلس الأعلى للبترول بأخذ الأخطاء التي تمت في السابق وحاول أن يصلحها بتجرد دون تدخل السياسة فيها فستكون هذه هي الخطوة الاولى نحو إصلاح القطاع النفطي.

وعن رأيه فيمن يرى أن وجود شركات عالمية للنفط هو بيع للبلد كما اطلق على مشروع حقول الشمال، وهل سنسمع هذه الاصوات مرة أخرى قال الهارون، إن الأصوات التي تذهب للتشكيك وعدم الثقة بعمل القطاع النفطي موجودة في كل زمان ومكان، متسائلا هل هذا الأمر كفيل بإيقاف العمل ووضع الإجراءات السليمة من رقابة اتخاذ القرار واختيار الأشخاص الأكفاء والشركات العالمية؟ مؤكداً أنه إذا سلمنا أمرنا للأصوات النشاز فلن نتطور أبداً.

وقال: "حالياً لا توجد شركة معينة تتبع دولة معينة، فالكل يسعى إلى تطوير قطاعه النفطي بالاستعانة بالخبرات العالمية وليس من مصلحة أي دولة أن تعمل بمعزل عن الآخرين، فالتعاون مع الشركات العالمية لن ينقص من قدر أي دولة".

إطالة عمر المخزون

من جانبه، أشار نائب رئيس مجلس إدارة شركة بتروإنرجي للاستكشافات النفطية د. عبدالسميع بهبهاني إلى أن الاستعانة بالشركات النفطية العالمية ستكون في مجال الخدمات ومن ثم فلن تكون هناك عقود تخص الإنتاج أو استحواذ المشترك، موضحاً أن الأمر في الأيام القادمة لا يهم بمعرفة الشركة بقدر ما ستقدمه من رؤية وتصور حول تطوير الحقول، إذ سنواجه مشاكل في عملية استهلاكنا للنفط، لأنه لا يتم دعمها ببرامج خاصة لزيادة عمر مخزون النفط.

وقال بهبهاني إن الكويت تأخرت في عملية اطالة عمر المخزون لأنه بدلاً من أن ننتج 30 في المئة من المخزون وصلنا إلى 70 في المئة، مشيراً إلى أن هذا الأمر يعد هاجساً والشركة العالمية القادمة عليها أن تعطي تصوراً للمكامن المتعددة، سواء كانت طبقات الرطاوي أو البحرين أو زبير وهي جميعها مكامن استهلكت وقلت سماكة النفط فيها، مما جعل الماء يقطع النفط في المكمن.

وأضاف أن على الشركات العالمية جلب أحدث التكنولوجيا بحيث يطول عمر مخزون النفط، ومن هذا المنظور أقيمت الشركة العالمية لأنه للأسف نحن نحطم مخزوننا النفطي بعملية إنتاج غير مبرمج وعشوائي بين الآبار، مما يسبب قصر عمر المخزون.

وأشار إلى أن تصريح رئيس مجلس الوزراء بالاستعانة بالشركات العالمية رسالة إلى القطاع النفطي بالتعامل مع حقول الشمال التي بدأت تعطي إشارات إلى بعض الآبار، خصوصاً في الرتقة الشمالي التي ارتفع فيها منسوب الماء، وهذا تحد للقطاع في المرحلة القادمة، إذ يسبب هذا الأمر تقطع مخزون النفط، وعملية الإنتاج بهذا الوضع تتطلب تكاليف كبيرة.

وطالب بهبهاني المجلس الأعلى للبترول بأن يعطي الشركات النفطية الخاصة في الكويت فرصة لاستكشاف المخزونات النفطية التي تكون على عمق خمسين مليوناً، إذ هناك جيوب نفطية كبير.