برافو الصيادلة... وكفوا الملامة عن الاشغال

نشر في 30-09-2009
آخر تحديث 30-09-2009 | 00:00
 عبدالمحسن جمعة وزارة الأشغال بكل كوادرها ومنتسبيها وميزانيتها، ستصمم مبنى عادياً لبنك لا يستلزم أي مواصفات خاصة في فترة عامين، بينما مترو دبي بمتطلباته الفنية الضخمة وجامعة الملك عبدالله في السعودية التي أقيمت على ملايين الأمتار المربعة لم يستغرق تصميمهما وبناؤهما وعملية التسليم ثلاث سنوات!

مبادرة جمعية الصيادلة الكويتيين الأخيرة بإقامة حملة بالتعاون مع وزارتي التربية والصحة لتوفير مواد العناية والوقاية من إنفلونزا الخنازير في المدارس الحكومية، هي خطوة كبيرة للخروج من حالة الغياب الطويلة للجمعيات والنقابات المهنية عن القضايا المجتمعية والعمل الوطني التطوعي، وحصر أنشطتها في المطالب الذاتية المتمثلة في إقرار الكوادر المالية لمنتسبيها وزيادة الرواتب، وأحيانا الانخراط في الصراعات الانتخابية واللغو السياسي المستعر في البلد.

مبادرة الصيادلة وحملتهم في المدارس الحكومية حدث وطني مهم ومشهود، يستحق كلمة «برافو» كبيرة بحجم الفكرة ومقاصدها الوطنية التي تستحق أن تكون قدوة لبقية الجمعيات والنقابات المهنية، بأن يكون للعمل الوطني التطوعي جانب من أنشطتها بجانب حماية حقوق منتسبيها وتبني قضاياهم المطلبية، ونتمنى أن نرى أقرانهم قريباً يقيمون أنشطة مماثلة تخدم المجتمع، فالبلد بحاجة إلى أفكار وجهود مبتكرة من مؤسسات المجتمع المدني تخرجه من وضع التململ والإحباط الذي يعيشه.

***

مصيبة «محطة مشرف» للصرف الصحي هي نتيجة حتمية للخلل الكبير القائم والمستمر في وزارة الأشغال العامة منذ سنوات طويلة إدارياً وفنياً، دون أن يجرؤ أحد على أن يحرك المياه الراكدة في تلك الوزارة، ليمدها بهواء نقي ودماء جديدة، ولأدلل على بعض ما يحدث في تلك الوزارة، سأعطي مثالين بسيطين عشت أحدهما وتابعت الآخر ضمن أخبار وزارة الأشغال.

المثال الأول: في نهاية عام 2003 وبينما كانت تجري أعمال إنشاء البنية التحتية لمنطقة جنوب السرة بالقرب من منزلي، نشأت علاقة تعارف بيني وبين أحد المهندسين الذين كانوا يزاولون أعمالهم مع شركات المقاولات التي تولت الإنشاءات هناك، وبعد فترة من تبادل التحية معه بالقرب من منزلي ومبادرتي في إحدى المناسبات بتقديم واجب الضيافة له، أخذ يتحدث عن أسباب التأخير في إنهاء أعمال المشروع ويتذمر من إجراءات مكتب الإشراف، ليصدمني بعد ذلك قائلاً: تعرف المهندس تبع مكتب الإشراف شهادته إيه؟

فقلت: طبعاً مهندس إنشائي أو معماري.

فرد: لا ياسيدي ده مهندس زراعي وأنا أعرفه... فهو بلدياتنا!

فقلت: لا يمكن... فالوزارة تدقق في الشهادات والخبرات ومراقبو الوزارة سيكتشفونه من خلال العمل معه.

فرد بعد أن علت قهقهة ضحكته: «ياعمي فتح مخك صاحب المكتب واصل... والولد مجهز نفسه بشهادة ثانية «مضروبة» ومراقبين الوزارة مش فاضيين».

فقلت: ولماذا لا تبلّغ عنه أنت مادام لا يفهم ويخرِّب شغلكم؟

فرد: «خلي الناس تاكل عيش... وبعدين البلاغ عايز أوراق وبلاوي... وراح تحصلي مشاكل لما أروح البلد معاه ومع أهله»!

المثال الثاني: أعلنت وزارة الأشغال العامة أخيراً أن الفترة التي سيستغرقها تصميم مبنى بنك التسليف والادخار الجديد في منطقة الوزارات على الدائري السادس هي 24 شهراً (عامين)، علماً أن المبنى لن يتجاوز على أبعد تقدير 5 طوابق، إذن وزارة الأشغال بكل كوادرها ومنتسبيها وميزانيتها، ستصمم مبنى عادياً لبنك لا يستلزم أي مواصفات خاصة في فترة عامين، بينما مترو دبي بمتطلباته الفنية الضخمة وجامعة الملك عبدالله في السعودية التي أقيمت على ملايين الأمتار المربعة لم يستغرق تصميمهما وبناؤهما وعملية التسليم ثلاث سنوات!... فبالله عليكم كيف لوزارة بهذا الأداء أن تتولى مشاريع تنموية كبرى وتنجزها... وبعد هذا كله فهل يصبح للسؤال الذي يتردد بشأن كيف حدثت فاجعة مشرف، أي مغزى أو معنى؟! والأجدى للشعب الساخط وأهالي مشرف أن يكفوا الملامة عن قيادات الأشغال، خصوصاً وكيلها العام، فهو لن تهزه ريح... فظهره مسنود «حيل»! والملف سيغلق بعد فترة و»نبقى على طمام المرحوم». 

back to top