اللافت للنظر في «مبوسة» رمضان هو أن جل النواب الذين قابلتهم أول رمضان، كانوا أكثر المواطنين إصراراً على البوس والعناق لكنهم سيبادرون بإثارة الضجيج ضد وزارة الصحة، لو زاد عدد المبتلين بإنفلونزا الخنازير، خلال الشهر الكريم.

Ad

• حاولت- ومثلي كثر- تحاشي القبل بكل تجلياتها؛ فأخفقت بشدة! فثم العديد من المهنئين: لا يهتمون بنصائح ومواعظ المنظمات الصحية العالمية والعربية والوطنية، لأن عادة البوس الرجالي، في المناسبات السعيدة والتعيسة، باتت عبادة! أو تضاهيها! والبلية أن موقف تحاشي القبلات أفضى إلى ردود فعل مترعة بالغضب والعتاب والاتهام بالكبر والغرور وما إلى ذلك، ويعلم الله أني كنت أخشى على الأحبة «المبوسة» من أنقل لهم العدوى، التي قد تكون كامنة فيَّ بحكم السن وضعف المناعة! لكن القوم «برطموا» وبسملوا وحوقلوا في معرض غضبهم عليّ، الأمر الذي دفعني إلى أن أتحول، أنا الآخر، إلى «سبيل مبوسة» طاحت تقبيلا في الكل، بمن فيهم شغيلة الديوانيات، تأكيدا لإشاعة البوس وديمقراطيته! والمنطق الذي يتكئ عليه «البواسون» أن العمر واحد، والأجل معروف سلفا، والمكتوب على الشفاه ستراه العين بالضرورة! واللافت للنظر في «مبوسة» رمضان هو أن جل النواب الذين قابلتهم أول رمضان، كانوا أكثر المواطنين إصراراً على البوس والعناق لكنهم سيبادرون بإثارة الضجيج ضد وزارة الصحة، لو زاد عدد المبتلين بإنفلونزا الخنازير، خلال الشهر الكريم، وهو أمر متوقع الحدوث. فالله يستر.

• وأعترف بأني وقعت في ورطة من عيار «الحيص بيص» لا أغبط عليها، فتراني كلما دلفت ديوانية أزأر بصوت عال: مبارك عليكم الشهر جماعة وكافة.

وفوجئت بأن هذا الموال نشاز، ويغرد خارج سرب «المبوسة» إياها مع أن جيلي اعتاد على تحية «الخير جميع» دون الحاجة إلى مصافحة كل رواد الديوانية. لكن الزمن تحول، والعادات دولاب، ولا دائم سوى الله سبحانه، ولا حول ولا قوة إلا بالله. ولا يظن ظان بأني مبتلى بوسواس قهري من العدوى، ولكني رغبت في أن أكون مواطناً صالحاً يصيخ السمع إلى النصائح الصحيحة ليس إلا، لكن سطوة العادة حرضتني على الامثثال لقولة: «إذا ما طاعك الزمان طيعه.. علك- أيها العبدلله- تكون «شهيد» المبوسة الكويتية الرمضانية.

بالإذن من مكتب الشهيد، الذي سيحرن- كدأبه- أمام الشهداء «البدون» في الحريق المأساوي للجهراء الثكلى الموعودة بالمآسي. ما علينا، الشاهد أني عدت إلى المنزل متخما إلى حد البشمة من تبعات المبوسة الكويتية الرمضانية، بكل ما تنطوي عليه من روائح «المعبوج» ولعاب وعطاس وغيرها من أسلحة دمار العادات العتيدة الشامل! وعلى كثرة الفتاوى المنهالة علينا طوال السنة، لم تصدر فتوى تحرض على إقفال المبوسة إلى حين زوال خطر العدوى، والاكتفاء بالمصافحة.

والحق أن المجلس الوزاري لوزراء الصحة العرب أحال توصياته إلى وزراء الأوقاف العرب لإجراء اللازم، لكنهم لم يحركوا ساكنا في شأن النصائح الصحية الخاصة بمرض إنفلونزا الخنازير، ماذا نقول: الله يستر!