من المسؤول؟!
كما أن غزو الكويت في عام 1990 خلق المبررات التي كان ينتظرها الذين يريدونها، لتحويل منطقة الخليج إلى معسكر كبير للقوات الأجنبية، والقوات الأميركية على وجه الخصوص، كذلك فإن تطلع إيران إلى ما وراء حدودها، بالإضافة إلى سعيها المتواصل إلى امتلاك الأسلحة النووية، قد استدرج كل هذه الصواريخ التي يجري الحديث عنها، والتي تشير المعلومات إلى أنها توجد بالأساس في أربع دول خليجية، وأنه سيجري تحديثها وتعزيزها وفقاً للخطة التي كشفت النقاب عنها بعض وسائل الإعلام والصحف في الولايات المتحدة.الآن يحدث الشيء نفسه، فهذه الحقول الصاروخية لم يكن من الممكن أن تكون لو أن إيران لم ترفع شعار "الثورة الدائمة"، ولو أنها لم توجد مراكز نفوذ مسلحة لها في عدد مـن دول هذه المنطقة، ولو أنها لم تتدخل كل هذا التدخل السافر في الشؤون الداخلية العراقية.
لا دول الخليج المنهمكة الآن في تنمية اقتصادية واعدة ومبشرة، وقطعت مسافة طويلة على هذا الطريق، تريد أن تتحول أراضيها إلى حقول صواريخ مدمرة بحجة مواجهة أي عدوان إيراني وشيك، ولا الدول العربية، حتى بما في ذلك التي يتدخل الإيرانيون في شؤونها الداخلية، والتي يحاولون اختراق مجتمعاتها بحجج وذرائع متعددة، مع أن يلجأ الأميركيون والإسرائيليون إلى العمل العسكري، بغض النظر عن طبيعة هذا العمل، لحل مشكلة قدرات إيران النووية.هناك في العادة، وعلى مدى التاريخ، من تستدرج مواقفهم السيئة الهوجاء والعشوائية الدببة إلى كرومهم، وهناك في العادة، وعلى مدى التاريخ، من وضعوا بلدانهم على الأرصفة التي كان أعداؤهم يريدون أن يضعوا أنفسهم عليها، فكانت النتائج كارثية واستعماراً دام سنوات طويلة لم يجر التخلص منه إلا بحروب مدمرة وتضحيات بشرية ومادية كبيرة.لا تتحمل دول الخليج، التي قبلت هذا الوجود الصاروخي على أراضيها، مسؤولية هذا، فإيران بتطلعها خارج حدودها، وبالتهديد المستمر لهذه الدول، واحتلال بعض أجزاء منها، كما هو واقع الحال بالنسبة إلى الجزر الإماراتية، هي المسؤولة، وهنا فإن ما زاد الطين بلة هو أن طهران تعاملت مع مسألة قدراتها النووية بطريقة استعراضية استفزازية، وهو أن محمود أحمدي نجاد بتصريحاته الأخيرة، التي تحدث فيها عن اقتراب بلاده من امتلاك السلاح الذري، قد وضع كل المبررات المطلوبة في يد الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، لتحويل أراضي بعض الدول الخليجية إلى حقول لصواريخها التدميرية.