تحديد أكبر الأخطاء، والنجاحات، وضربات الحظ في السنة الأولى لأوباما في سدّة الرئاسة.

Ad

• أكبر خطأ تكتيكي: دفع عملية السلام بين الإسرائيليين والعرب على مضض إلى الأمام. تولّى أوباما منصبه باحثاً عن خطوات جريئة في وقت بدا فيه السلام بعيد المنال أكثر من أي وقت مضى. أنهت إسرائيل لتوها حملتها العسكرية التأديبية في غزة في الشتاء الماضي، بينما كان العالم العربي يشتعل غيظاً، وغير مبال البتة بتقديم عروض لإسرائيل، وفي الوقت عينه، تمكن أوباما بفضل ضغطه على إسرائيل في موضوع المستوطنات من إثارة رد فعل سلبي في إسرائيل ساعد حكومة نتنياهو في الثبات على موقفها من دون خسارة دعم عربي كبير متراخ. بالنسبة إلى عام 2010، تبدو المزيد من الخطوات ضرورية.  

• أكبر خطأ استراتيجي: الوعد بإغلاق سجن خليج غوانتنامو في غضون عام. لعل مجرد إعلان أوباما نيته بإغلاق السجن أكسب الولايات المتحدة حسن نية على المدى القصير في أنحاء العالم، لكن هذا الوعد ينم عن تهور ويتطلب دعماً من الكونغرس والدول الحليفة كان يجب أن يعلم أوباما بأنه بعيد المنال، واليوم يبدو وكأن المعتقل لن يقفل أبوابه قبل عام 2011، حين ستكون مدة تلك النية الحسنة الأولية قد انتهت بلا شك.

• أكبر نجاح تكتيكي: الإثبات بأن إيران تتصرّف عن سوء نية. لم تنجح إدارة بوش في كسب دعم دولي لفرض عقوبات أكثر صرامةً ضد إيران جزئياً لأن البلدان لم تكن واثقة من أن بوش يقوم بمسعى حسن النية للتفاوض مع إيران، لكن ذلك لا ينطبق على أوباما الذي سلّط الضوء على تعنّت نظام خامنئي وأحمدي نجاد.  

• أكبر نجاح استراتيجي: إعادة التفاوض مع روسيا. مع ذلك يبقى أن نرى ما إذا كان الروس يتلاعبون بأوباما فحسب، لكن ثمة أدلة وافرة تدفعنا إلى الاستنتاج بأن مسعىً جديداً لإذابة الجليد في العلاقات بين البلدين قد يقنع موسكو بشأن الموضوع الذي يحتل الأولوية في أجندة أوباما، ألا وهو كبح طموحات إيران النووية، وهكذا ستخضع روسيا لهذا الاختبار في الأمم المتحدة.  

• النجاح العسكري الذي لم يحظ بما يكفي من التقدير: حملة الطائرات من دون طيار ضد الإسلاميين المتطرّفين في باكستان. إنها بلا شك حملة مشكوك في شرعيتها، تولّد رد فعل سلبي ضد الأميركيين، وقد تودي بحياة الأبرياء، لكن من المحتمل جداً أن حملة الضربات الجوية المكثّفة التي أشرف عليها أوباما تجعل الولايات أكثر أمانا ومهمتنا في أفغانستان أكثر سهولةً.

• أفضل خطاب: خطاب قبول أوباما جائزة "نوبل" للسلام. اعتقد بعض داعمي أوباما في عام 2008 على الأرجح بأن مرشحهم سيقودهم إلى عصر جديد مجيد من السلام والانسجام، فجاء خطاب أوباما في أوسلو، الذي شرح فيه بفصاحة قراره بتصعيد الحرب في أفغانستان، ونظرية حرب عادلة بشكل عام، كرد مسؤول وواقعي على تلك الأوهام.  

• أفضل ضربة حظ: العراق. أمضى أوباما معظم فترة ولايته في إدارة الأزمات، لكن لاتزال أمامه أزمة كبيرة، وعلى الرغم من بذل تنظيم "القاعدة" أقصى جهده في بلاد الرافدين للتحريض على العنف المذهبي عبر التفجيرات المدوية، فإن الوضع في العراق ظلّ مستقراً إلى حد ما. ذلك يعني أن أوباما ليس مضطراً إلى إعادة النظر في خطته بشأن سحب معظم القوات الأميركية من البلاد في الأشهر المقبلة. لكن لا داعي لتنفس الصعداء لأن الانتخابات الوطنية التي ستجري في مارس والتوتر المتصاعد بين العرب والأكراد قد يحولان مسار الأمور مجدداً إلى الأسوأ.

• ثاني أفضل ضربة حظ: القبض على زازي. لعل هذا الحظ لم يكن وافراً بقدر النجاح في تطبيق القانون والعمل الاستخباراتي، لكن أوباما محظوظ جداً لكون نجيب الله زازي المزعوم الذي كان ينوي تفجير قنابل تحتوي على البيروكسيد اعتُقل في مدينة نيويورك قبل أن يتمكن من تفجير أي من قنابله، ومع ذلك، يبقى السؤال: أين هم شركاؤه المحليون المُبلغ عنهم؟

• أقل تقدم: كوريا الشمالية. لم تتصرف هذه الدولة بحكمة، ناهيك عن عدم استعدادها للتخلي عن برنامجها النووي، وإلى ذلك، لم يكن لزيارة بيل كلينتون والرسالة الشخصية التي وجّهها أوباما إلى كيم يونغ إيل أي أثر واضح، باستثناء زيادة تعجرف الزعيم الكوري الشمالي.  

• أعظم خيانة: رفض أوباما الاعتراف رسمياً بالمجزرة الأرمنية. قلة من الأميركيين تهتم لهذه المسألة، لكن أوباما ومستشاريه تعهدوا علناً وبحماسة خلال حملة عام 2008 بالاعتراف بها، إلا أن السياسة الواقعية تفوّقت عبر تهدئة تركيا التي ترفض رفضاً قاطعاً الاعتراف بحدوث المجزرة. يشكل بالتالي عدم الإيفاء بهذا الوعد خير مثال على الواقعية التي حدّدت سياسة أوباما الخارجية حتى تاريخنا هذا.  

• ثاني أعظم خيانة: رفض هيلاري كلينتون منح الأولوية لموضوع حقوق الإنسان في العلاقات الأميركية الصينية. خلال رحلتها إلى بكين في مطلع هذا العام، فشلت كلينتون في الضغط على الصين بشأن حقوق الإنسان، وقالت إنه لا يمكن السماح بإدراج هذه المسألة ضمن أولويات إدارة أوباما كالاحتباس الحراري واحتواء إيران. تلك هي هيلاري كلينتون عينها التي تميزت بخطابها الجريء في بكين في عام 1995 حول حقوق المرأة وذلك قبل تنصيبها وزيرةً للخارجية.

• أكبر خيبة: أوروبا. كفانا من الفكرة القائلة إن التغيير الرئاسي وشعبية أوباما الواسعة في أوروبا سيساعدان في الحصول على موجة دعم جديدة من أوروبا، فلم تستقبل الحكومات الأوروبية سوى مجموعة قليلة من سجناء خليج غوانتنامو، معيقةً قدماً مساعي أوباما لإغلاق السجن، هذا فضلاً عن أن منظمة حلف شمال الأطلسي لا ترسل سوى بضعة آلاف جندي إضافي للحملة العسكرية في أفغانستان.   

الفائزون في فريق الأمن القومي:

جيم جونز: تعرّض مستشار الأمن القومي المتحفّظ الخاص بأوباما لحملة مضايقات في واشنطن في وقت مبكر من عام 2009، وذلك بعدما تسرّبت معلومات حول أخلاقياته في العمل وحتى تيقّظه الفكري، لكن الحديث عن إخفاق جونز جاء سابقاً لأوانه، فقد تخطّى هذا الأخير بعض خصومه ذكاءً (انظر مارك ليبرت في الأسفل)، وبدعم من أمثال هيلاري كلينتون وروبرت غيتس، يبدو أنه وجد اليوم البيئة الملائمة له.   

روبرت غيتس: أدّى وزير الدفاع هذا في حكومة أوباما دوراً ريادياً في عملية مراجعة الاستراتيجية الأفغانية هذا الخريف، وبحسب كثيرين، جاء تأييد غيتس لإرسال نحو 30 ألف جندي أميركي إضافي حاسماً خلال دراسة أوباما خياراته. ويبقى السؤال الكبير اليوم عمّا إذا كان غيتس سيوافق على البقاء في منصبه بعد انتخابات نصف الولاية في عام 2010. لكن كثيرين يشكّون في ذلك.

هيلاري كلينتون: على الرغم من الحديث المستمر عن دورها الهامشي المفترض وزلات لسانها من وقت إلى آخر، تشير أدلّة كثيرة إلى أن كلينتون أبلت حسناً في حكومة أوباما، فضلاً عن ذلك، ضمنت لها علاقاتها المقربة من شخصيات بارزة مثل جونز وغيتس رأياً نافذاً في غرفة العمليات الخاصة بالأمن القومي.   

الخاسرون في فريق الأمن القومي

مارك ليبرت: انضم مساعد أوباما في السياسة الخارجية في مجلس الشيوخ سابقاً إلى البيت الأبيض بصفته كبير موظفي مجلس الأمن القومي، وتمتع بنفوذ كبير في المسائل كافة بدءاً من صناعة السياسة إلى تعيين المناصب. لكن ليبرت الثلاثيني لم ينسجم أبداً وجيم جونز الستيني، وأصبح بالتالي هدفاً للنقّاد الذين اشتكوا من أنه لم يخدم أوباما كما يجب أحياناً، لا سيما في إعداده لزيارة غير ناجحة في مايو للعاهل السعودي الملك عبدالله. عاد ليبرت، أحد الجنود الاحتياطيين في البحرية الأميركية، إلى الخدمة العسكرية هذا الخريف، وهي خطوة اعتبرها مراقبون مطلعون تطوعية.  

ريتشارد هولبروك: لمع اسم مبعوث أوباما الخاص هذا إلى أفغانستان وباكستان في بداية حياته المهنية، قبل أن يتقلص دوره الرسمي مع الوقت، فقد عجز هولبروك عن التعامل مع الرئيس الأفغاني حامد كرزاي بعد مواجهة ساخنة معه، وكان على جون كيري تولي المفاوضات عقب الانتخابات المزيفة في أفغانستان. لم يسعفه في ذلك رصيده الحافل في نيويورك، فاغتنم بعض الموالين لأوباما، الذين يذكرون دعم هولبروك المتفاني لهيلاري كلينتون في عام 2008، الفرصة لانتقاد هذا الدبلوماسي بوصفه أنانياً.

جو بايدن: قد يكون بايدن ثاني أقوى نائب رئيس على الإطلاق، بحسب مجلّة "نيويورك تايمز"، لكن في موضوع أفغانستان، واجه رأيه القائل بضرورة تجنب أوباما زيادةً كبيرة في القوات من أجل مهمة أضيق نطاقاً لمكافحة الإرهاب، رفضاً قاطعاً. أوضح مساعدو بادين أن نائب الرئيس حث على اعتماد يوليو 2011 موعداً نهائياً للبدء بسحب القوات الأميركية من البلاد، لكن بات من الواضح قلة جدوى تلك المهلة النهائية.   

مايكل كرولي - Michael Crowley