يشير محللون إلى أنه من بين الأسباب الحقيقية لاستقالات مسؤولي شركات، وعدم ذكرها رسمياً من الشركات نفسها يرجع إلى وجود خلافات بين هؤلاء المسؤولين، سواء كانوا أعضاء مجالس إدارات أو مديرين تنفيذيين، والملاك الرئيسيين في الشركة نفسها أو من يطلق عليهم «كبار الملاك».
أمرُ غريب يحدث بشكل مستمر في سوق الكويت للأوراق المالية، وتحديداً منذ بداية الأزمة المالية، يصاحبه في الوقت ذاته عدم تحرك جدي من قبل إدارة البورصة للتحقق منه، وهو استقالات مسؤولي شركات مدرجة دون الإعلان عن السبب الرئيسي لهذه الاستقالات، بدورها تكتفي الشركات المعنية بالإعلان عن الاستقالة نفسها دون توضيح أسبابها.فمن جهة، يشير مراقبون إلى أحقية مساهمي الشركات التي يستقيل بها مسؤولوها في معرفة السبب الحقيقي وراء هذه الاستقالات حتى وإن كانت هذه الأسباب سلبية، ويرون أنه من الطبيعي أن يكون المساهم على دراية كاملة بأوضاع شركته التي يساهم فيها، وبالتالي من الواجب على إدارة الشركة أن تعي أنها مسؤولة عن توصيل الأسباب الحقيقية لاستقالات مسؤوليها إلى مساهميها -على الأقل- من باب الشفافية التي يتغنى الجميع بها دون تطبيق الغالبية العظمى منهم لأي شيء ملموس يدل على ذلك.فما الذي يمنع إدارات الشركات المعنية من عدم توضيح الأسباب الحقيقية والرئيسية لاستقالات مسؤوليها؟ وما الذي ستجنيه الشركة من فتح المجال وجعله واسعاً أمام السيل المتوقع من الإشاعات رغم علمها بذلك؟ وما الذي سيستفيده المساهم من توجه مثل هذا؟ خصوصاً وأنه الخاسر الأكبر إذا ما كان توجه الشائعات سلبياً نحو مسار السهم؟أسباب الاستقالاتيشير محللون إلى أنه من بين الاسباب الحقيقية لاستقالات مسؤولي شركات وعدم ذكرها رسمياً من الشركات نفسها يرجع إلى وجود خلافات بين هؤلاء المسؤولين سواء كانوا أعضاء مجالس إدارات أو مديرين تنفيذيين، والملاك الرئيسيين في الشركة نفسها أو ما يطلق عليهم "كبار الملاك"، وبالتالي نتيجة لهذا الخلاف ونتيجة لتملك هؤلاء المساهمين لنسب رئيسية في الشركة فباستطاعتهم تغيير إدارة الشركة بأكملها أو جزءاً منها دون الاضطرار الى الإعلان عن أسباب هذه الاستقالات بشكل رسمي لإدارة البورصة أو غيرها، متجاهلين بذلك صغار المساهمين وترك الإشاعات تتحكم في مسارهم وتداولاتهم على السهم نفسه. ومن أجل هذا السبب، فمن مصلحة المالك الرئيسي عدم توضيح أسباب الاستقالة كي لا يفتح على نفسه الباب أمام الانتقادات التي قد تمسه أو تشجع المساهمين الآخرين على القيام بنفس الخطوة مستقبلاً مما قد يعرض خططه لأخطار غير محسوبة هو في غنى عنها.هروب من المسؤوليةأحد الأسباب الأخرى لعدم توضيح أسباب الاستقالات، يشير إليها محللون بأنها هروب المستقيلين أنفسهم من تحمل مسؤولية تعريض الشركة لخسائر غير مبررة أو تعريضها لأخطار كبيرة تنم عن عدم دراية كاملة أو خبرة من قبلهم في التعامل مع مثل هذه الظروف، فبتقديم الاستقالة ينجح المستقيل في الهروب من "الهجوم الكبير" المتوقع من المساهمين وتساؤلاتهم عن أسباب الخسائر التي تعرضت لها الشركة وعدم جدوى استثماراتها خلال الفترة الماضية.وبالتالي فإن مسؤوليتهم عن تحقيق الخسائر ستساهم في عدم تقبل هذه التجاوزات والأخطاء التي ارتكبت من قبلهم سواء كانوا أعضاء في مجلس الإدارة نفسه أو في الجهاز التنفيذي، ولذلك يفضلون الاستقالة خوفا من تحمل المسؤولية مستقبلا.تأثير الملاكسبب آخر يراه المراقبون، وهو وجود بعض أعضاء مجالس الإدارات أو المديرين التنفيذيين ممن يمثلون كبار الملاك في الشركة، وبالتالي إذا ما رأى هذا المالك تغيير من يمثله فإنه يمارس تأثيره وضغوطه كي يتم فعلاً تغييره، حتى دون توضيح منه لسبب هذا التغيير، وبالتالي فإن وجود ضغوط خارجية عند اتخاذ قرارات مثل هذه، ووجود أعضاء من يمثل كبار الملاك اصحاب القرار يساهم وبشكل كبير في تكرار مثل هذه الاستقالات.أسباب قانونيةولا ننسى كذلك بعض حالات الاستقالة التي لا تفصح عنها الشركة، ولكنها ناتجة عن وضع قانوني بحت، حيث يعددها المراقبون في:• تدوير في مجالس ادارات الشركات التابعة والزميلة من قبل الشركة الأم.• أسباب تتعلق بالالتزام بالقوانين الخاصة بوزارة التجارة والصناعة بشأن عدد العضويات، أو انتهاء الفترة القانونية.• حدوث عمليات تخارج وبيع حصص أو استحواذ، وبالتالي بات من اللازم تغيير من يمثل المالك القديم واستبداله بمن يمثل المالك الجديد.مؤيد ومعارضبعد ازياد حدوث مثل هذه الاستقالات وخصوصاً بعد اندلاع الأزمة المالية في الكويت، ظهر هناك فريقان بين مؤيد ومعارض لضرورة الكشف عن أسباب هذه الاستقالات من عدمها، مستندين في ذلك على عدة أسس يطالب كل واحد منهم بضرورة تطبيقها حماية لمصالح الشركات.الفريق الأول وهو الفريق المؤيد لضرورة كشف الأسباب الحقيقية للاستقالات، يشير إلى أنه من المهم الكشف عن حقائق وأسباب الاستقالات أمام مساهمي هذه الشركات، حتى يتمكنوا من الحكم على مصير ومستقبل قرار المضي قدما في الاستثمار في أسهم الشركات من جانبهم أو من أجل استمرار العملاء في التعامل مع هذه الشركات أو التوقف من أجل الحفاظ على أموالهم. كما أن هناك من طالب منهم بضرورة اتجاه ادارة البورصة الى نشر أسباب الاستقالات، خاصة في ظل الظروف الراهنة التي تتطلب مزيدا من الافصاح والشفافية، إذ لم تنكشف بعد آثار الأزمة المالية الحالية، وهناك العديد من الشركات التي تعرضت لخسائر فاقت رؤوس أموالها، وتوجد اتهامات وشكوك حول مجالس الإدارات، وبالتالي فمن الأولى على الجهات الرقابية أن تحقق في أسباب هذه الاستقالات ومدى علاقاتها بالخسائر التي تكبدتها الشركة والكشف عنها أمام مساهميها. ويصر الفريق على ضرورة الافصاح عن اسباب الاستقالات اذا كانت جوهرية، فظروف الأزمة تحتم ذلك لأن التكتم يزيد الشكوك والاشاعات، مؤكدين ان هناك عشرات الاستقالات المسببة قدمت الى الجهات الرسمية المعنية، وتضمنت تلك الاستقالات اتهامات خطيرة واشارات الى تجاوزات بالجملة ما كانت لتظهر لولا الازمة وتداعياتها ورغبة بعض الاطراف في اخلاء طرفهم منها حفظا لسيرتهم ومنعا لاي اتهامات قد تصلهم مستقبلا اذا وصلت تلك الشركات الى القضاء لسبب او لآخر.أما الفريق المعارض لنشر أسباب الاستقالات، فإنه يستند الى أن القانون لا يشترط الافصاح عن سبب هذه الاستقالات والتغييرات، والاكتفاء بالافصاح عن التغييرات التي تحدث فقط في هياكل مجالس هذه الادارات، مشيراً الى أن بعض هذه الأسباب قد تعود الى مشاكل صحية ورغبة في تحصيل مميزات أعلى في شركات أفضل، بالإضافة الى أنه اذا وجدت أسباب تتعلق بتجاوزات أو خسائر أو تحفظات على أمر ما، فالجهات الرقابية على علم بتلك الأسباب، ومن ثم تتحمل هي مسؤولية ذلك، وبالتالي لا توجد ضرورة للافصاح عنها بالتفصيل.أهمية الإفصاحوسواء كنا مع الفريق المؤيد لنشر أسباب تقديم الاستقالات أو مع الفريق المعارض، فإننا يجب أن نؤمن بأهمية الإفصاح عن مثل هذه الحالات حتى لا تترك الأمور تسير وفق ما يريده اصحاب الشائعات وتحكمهم بالتالي في مجريات التداول على هذا السهم أو ذاك، وكذلك التأثير على سمعة هذه الشركة أو تلك.كما أنه من المهم أن يعلم جميع المسؤولين في جميع الشركات المدرجة منها وغير المدرجة، أن للمساهم -بغض النظر عن نسبته في المساهمة- حقا في توضيح ما يريده من الشركة من توضيح، سواء تعلق الأمر بتوضيح استقالة أو الاستفسار عن مشروع ما أو غيرها، فإذا كان أصحاب الشركة وأصحاب "الحلال" لا يعلمون، فمن يا ترى يجب أن يعلم؟
اقتصاد
استقالات مسؤولي الشركات... اسأل عن السبب
03-03-2010