لقطاء غزة... ثمرة «العلاقات العابرة»
تعتبر حوادث العثور على أطفال لقطاء، ثمرة العلاقات العابرة في قطاع غزة، الذي تطغى العادات والتقاليد على سلوك أفراده، نادرة، لكن إذا ما تمت مقارنتها بعدد سكان القطاع البالغ 1.5 مليون نسمة، فقد تكون نسبتها مرتفعة الى حدّ ما، خصوصا إذا اخذنا في الاعتبار انهماك سكان القطاع في الحروب المتلاحقة.في هذا الإطار، كشف مصدر طبي فلسطيني لـ"الجريدة" أمس، أن مولودة تبلغ من العمر يوما واحدا فقط، وصلت الى قسم الولادة في مستشفى تلّ السلطان، بعد أن عُثر عليها ملقاة بجوار حاوية للقمامة في أحد مخيمات رفح، اقصى جنوب قطاع غزة.
وغالبا ما يتم العثور على اللقطاء في قطاع غزة، على قارعات الطرق الزراعية النائية، أو بالقرب من حاويات القمامة، أو جدران المستشفيات، لإخفاء معالم جريمة شرف ارتكبتها منجبتها، وخشية تعرضها للقتل على ايدي عائلتها.وقد شهد قطاع غزة خلال السنوات الأخيرة جرائم شرف كثيرة، حيث سقطت عشرات النسوة ضحية ما يسمى بـ "شرف العائلة"، في حين ينقل اللقطاء غالباً إلى جمعية مبرة الرحمة المختصة بهذا الشأن. ويقول مسؤول الإعلام في جمعية مبرة الرحمة عمر علي لـ"الجريدة" إن عدد الاطفال اللقطاء في الجمعية يتراوح بين 25 و30 طفلا، موضحا أن أعمارهم تتراوح بين اشهر الى 18 سنة، واشار الى أن باقي الاطفال اللقطاء، الذين يزيد عددهم على مئة، موجودون لدى عائلات واسر غزية، اغلبها لم تتمكن من الانجاب، مشيرا الى المتابعة المستمرة من قبل نشطاء نفسيين واختصاصيين لهؤلاء الاطفال داخل الجمعية وخارجها.وبحسب علي، فليست هناك اشكالية كبيرة في عملية اندماج اللقطاء في المجتمع، مبينا أن فتاتين من الجمعية حظيتا أخيرا بالزواج، وقال إنه يتم استخراج شهادات ميلاد تحتوي على اسماء رباعية من قبل وزارة الداخلية، لا تتشابه مع اسماء عائلات في القطاع، موضحا ان الجمعية تنظم لهم احتفالات بمناسبة اعياد الميلاد، وبمناسبات اخرى كثيرة للتخفيف عنهم."لا أعرف إن كان لي أب وأم مثل باقي الأطفال الموجودين في الخارج، ولا أعرف من أنا وسبب وجودي هنا"، تلك أكثر الاسئلة الشائعة التي تفضحها عيون اللقطاء وألسنتهم وتصرفاتهم.وتشير مؤسسات ناشطة في مجال حقوق الانسان في القطاع الى أن عدد الأطفال مجهولي النسب، بلغ منذ عام 1993 حتى عام 2008، 165 طفلا، بمعدل 11-12 طفلا سنوياً في قطاع غزة.وتقول مؤسسة الضمير إن الأطفال مجهولي النسب هم ضحايا في المجتمع، في حال نبذهم بسبب وضعهم، بينما يرجع رجال دين انتشار الظاهرة الى عدم وجود عقوبة رادعة لمقترفي هذه الجريمة، والتهاون القانوني بحقهم ما دام تمّ ذلك برضا صانعي الجريمة.