أجمع سياسيون وكتاب وأكاديميون على أن «القضاء هو الملاذ الأول والأخير، وسلطة دستورية نحترمها جميعاً، وكيان مستقل نقدر كل من يعمل به».

Ad

أوضح المتحدثون في المهرجان الخطابي الثالث، الذي نظمه التحالف الوطني تضامنا مع خالد الفضالة أمس الأول، أنه «آن الأوان للتصدي لقانون المطبوعات، وتقديم تعديلات على قانون الجزاء، وكذلك تقديم قانون مخاصمة القضاء انتصارا لحرية الرأي والتعبير التي تعد الركيزة الرئيسية لأي ممارسة ديمقراطية».

ثمن محاربة الفساد

أكد نائب أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي صلاح المضف أن قضية خالد الفضالة سياسية بالدرجة الأولى، وإن كان ظاهرها قانونيا، مشيراً إلى أن الفضالة أمين عام تجمع سياسي وطني، والخصم هو رئيس مجلس الوزراء، والأول عبر عن رأيه وانتقد سياسة الأخير في إدارة حكومته، فضاقت صدور الكثيرين، وبدأت ملاحقته سياسياً وإقحام القضاء في الموضوع.

وقال المضف: "إن أمين عام التحالف الوطني الديمقراطي سجين سياسي يقضي عقوبة حبس على خلفية الدعوى القضائية المرفوعة ضده من قبل سمو رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، لا لانه اعتدى على المال العام، أو لانه سارق أو مرتش، بل لانه عبر عن حبه للكويت"، مؤكداً أن التحالف ليس في حاجة إلى تأكيد احترام القضاء الكويتي وأحكامه، لان مواقفه دائماً كانت ولا تزال داعمة لاستقلالية القضاء وإبعاده عن المعارك السياسية، معتبراً أن ما يحدث هذه الأيام إساءة للقضاء من قبل بعض الأطراف التي تحاول خلط حابل السياسة بنابل القضاء.

وأضاف: "خالد يدفع ثمن دفاعه عن الإصلاح ومحاربته للفساد، لاسيما أن رسالته كانت واضحة للسلطة (لي وطن آليت ألا أبيعه)، وهي رسالتنا اليوم جميعاً، ونحن كلنا خالد الفضالة، فالأمس دفع السجين السياسي الفضالة ثمن الرأي، ونتساءل: كم مواطنا سيدفع غداً ثمن محاربته الفساد؟"، معتبراً أنه حالم كل من يعتقد أن الملاحقات السياسية رسالة بهدف تكميم الأفواه أو ترهيب التيار الوطني الذي يحمل إرثاً تاريخياً في محاربة الفساد، خاصة في قضايا المال العام، مؤكداً استمرار التيار الوطني في خطه مهما كانت العواقب والضغوط، مشيراً إلى أن ملاحقة الفضالة سياسياً زادتنا شدة وصلابة.

الحركة الشبابية

أكد النائب مسلم البراك أن "بعض النواب والفعاليات لديهم شعار يختلف عما طرحه خالد الفضالة، فهؤلاء شعارهم (لي وطن عزمت على أن أبيعه)"، موضحا أن "الفضالة هو نتاج مخاض الحركة الشبابية الفاعلة في التحالف الوطني، فوجدناه في أكثر من موقع وموقف، إذ يحمل مشروعا وطنيا نحن في حاجة إليه وهو الوحدة الوطنية".

وأضاف البراك: "إننا اليوم نمر بتجربة يراها البعض سيئة ونحن نراها جيدة، لها ثمن، بالأمس كان الجاسم سجين رأي، واليوم الفضالة سجين سياسي، وهذه التجربة أجمعت عليها قوى سياسية فاعلة وأطياف الشعب الكويتي بمختلف انتماءاتها، فهذا الوطن يستوعبنا جميعا، وسقفه يستوعب من ينتمي إلى البادية والحضر والشيعة والسنة، فدعونا نوجه هذه الرسالة بقوة".

استقلالية القضاء

من جانبه، قال النائب خالد الطاحوس: "لم نكن نريد ان تصل الأمور إلى هذا الوضع من خلال اعتقال خالد الفضالة، لكن مادام الأمر صدر بحكم قضائي فإننا نحترم كل الأحكام القضائية، كما أود أن أؤكد لبعض جمعيات النفع العام، التي تريد أن تعطينا دروسا في احترام القضاء، أننا نحترم القضاء قبل بيانكم"، مؤكدا اننا "منذ صدور الحكم بحق الفضالة وقبل ذلك أيضا نحترم الأحكام القضائية".

وأضاف: "قبل ستة أشهر في تجمع العقيلة كان هناك اتصال بيني وبين خالد الفضالة، وأبلغته إذا كان هناك أي حرج عليك فلا تحضر، لكنه قال لي العيب والحرج هو ان لم أحضر، لأنني جئت لترسيخ الوحدة الوطنية ولأنقل رسالة إلى الشعب الكويتي توضح ما هو مشروع التحالف الوطني وخالد الفضالة، وبالفعل عندما وقف خالد هنا قبل أيام قال: نجحت في تعزيز الوحدة الوطنية، وهو صادق في ذلك"، مؤكدا أن "خالد كانت لديه مجموعة من الأهداف والأفكار، وأنا أعتقد أن باعتقاله هناك أمور إيجابية كثيرة، لاسيما أنه ذهب مرفوع الرأس، وأطلق عبارة مدوية هزت أركان الكويت وهي (لي وطن آليت ألا أبيعه)، ما أحلى هذه الجملة المؤثرة والمعبرة، الفضالة من شباب التيار الوطني، وهذا التيار تعرفون أنه ضرب معاقل الفساد وسراق المال".

قضية سياسية

من جهتها، أعربت النائبة الدكتورة أسيل العوضي عن "استيائها لما يطرح في وسائل الإعلام بشأن التشكيك في القضاء"، مؤكدة أنه "منذ بدأت قضية الفضالة ونحن نؤكد احترامنا للقضاء، خصوصا أن القضية عندما كانت في المحكمة لم نكن نتداولها، لكن حين صدر الحكم من حقنا التعبير عن استيائنا، ولذا نعلن ان هناك جانبا سياسيا في القضية، فالقضية سياسية، لأن قائم الدعوى على رأس السلطة السياسية، والمدعى عليه على رأس تجمع سياسي له مواقف وتاريخ ممتد".

وأضافت: "لنا وجهة نظر في قضية الفضالة، فمحاولة زج التشكيك في القضاء في هذه القضية محاولة جادة لخلط الأوراق، فالقضية سياسية وليس لها علاقة بالقضاء.

ولفتت: "انتقدنا القانون لا القضاء، وأنا وصفته بالمعيب، لكن لنقف اليوم جميعا ونتحمل مسؤولياتنا، هذا القانون أقر وشرع بمجلس الأمة بمصادقة نواب الأمة، قانون الجزاء، قانون المرئي والمسموع صادقوا عليه النواب رغم تحذيراتنا المتكررة من تشريع قانون معيب بهذا الشكل"، موضحة أن "الكلمة يمكن أن تكون جارحة، لكن أذاها لا يتعدى الأذى النفسي، لكن السجن ليس للكلمة بل للمجرمين، وهذا الكلام أوجهه إلى زملائي النواب لأنه وبكل أسف هناك كثير من النواب (طبّلوا) لوجود قانون يسجن ويحجر على الكلمة"، مؤكدة أنه "آن الأوان وهناك اتفاق بهذا الشأن على تغيير هذا القانون، فيجب أن يكون عقاب الكلمة مدنيا أو بالتعويض المادي، ومطلوب منا جميعا التصدي لقانون المطبوعات وتقديم تعديلات على قانون الجزاء، وكذلك تقديم قانون مخاصمة القضاء انتصارا لحرية الرأي والتعبير، وهي الركيزة الرئيسية لأي ممارسة ديمقراطية، اما أنت يا خالد فرأسك مرفوع، تدفع ثمن صدقك في زمن أصبح فيه الصدق عملة نادرة".  

بيان انتهازي

بدوره، أكد الكاتب والمحامي محمد عبدالقادر الجاسم أن "بيان جمعية المحامين انتهازي، ولا يليق بسمعة ومكانة ووظيفة هذه الجمعية"، موضحا أننا "أجرينا اتصالات، وتبين أن مجلس إدارة الجمعية لا يعلم شيئا عن البيان، كما أنه لم يكتب من قبل الجمعية، بل أُرسل إلى الجمعية، وتم وضع ختم الجمعية عليه، وهناك معارضة شديدة لهذا البيان في صفوف المحامين، وربما ستأتي استقالات واحتجاجات".

وأضاف: "نحن نحترم القضاء، واحترامنا ليس من قبيل النفاق ولا من باب المهادنة أو لمحاولة الاستفادة من الأحكام، فنحن من يدافع عن القضاء".

مؤشرات خطيرة

من جهته، قال منسق عام قائمة الوسط الديمقراطي جابر أشكناني: "الاسبوع الماضي كان هناك مهرجان خطابي عن الحريات والوصاية التي تفرضها الإدارة الجامعية علينا، ولم أتردد في الاتصال بخالد الفضالة، لكن ليومين متتاليين لم يرد، إلى أن صعقت بخبر اعتقاله"، مشيرا إلى أن "عدم ترددي في الاتصال بالفضالة كان ليقيني بأنه صاحب كلمة حق، إنسان لا يهاب أحدا، فسبب سجن خالد هو كلام حق قاله، وللأسف كلام الحق أصبح (يزعّل)، وهذه مؤشرات خطيرة، وكأننا تحولنا إلى دولة بوليسية".

حق دستوري

بدوره، قال ممثل القائمة المستقلة عبدالله الحمد: "الفضالة ليس أمين عام التحالف فقط، بل هو شاب وطني قال كلمة أدت به إلى السجن، نعرف أن المجرمين هم من يدخلون السجن، ولذلك تحمى الأوطان من هؤلاء المجرمين، فكيف لنا أن نرمي الكلمات خلف الزنانين، فهذا الأمر غير معقول"، موضحا "بغض النظر عن صحة الكلمة التي قالها الفضالة من عدمه، فهل يعقل أن تكون السجون مصير كل شخص يعبر عن رأيه، علما أن الفضالة تمسك بحقه الدستوري، الحق الأصيل الذي أكدته المادة 36 من الدستور التي تتيح لنا حق حرية التعبير الذي لن نتخلى عنه أبدا، لاسيما أننا نشأنا وتربينا عليه".

حرية التعبير

أما ممثل قائمة الوحدة الطلابية في أميركا عبدالله القضيبي فقال: "رغم اختلاف المبادئ لدى مختلف القوى السياسية، ووجود أمور تفرقهم أكثر مما تجمعهم، فإننا نلاحظ هذه المشاركة الفاعلة في دعم قضية الفضالة، وهذا يدل على أن حرية الرأي والتعبير هي حق أصيل للشعب الكويتي وهذا الحق سُلب"، موضحا أن "الكويت كانت على رأس الهرم ليس في الاستثمارات أو الاقتصاد أو التنمية، بل في حرية التعبير، وهذا حق يجب أن يعود، فنحن لا نتكلم من فراغ لأن هذا الحق يوما بعد يوم يريدون أن يسلبوه منا، فقبل أيام كانت هناك جموع في مختلف مناطق الكويت تضامنا مع الجاسم، والآن نرى هذه الحشود تتكرر مع الفضالة".

تعاطف

أما عضو المجلس البلدي السابق خليفة الخرافي فقال: "إن تعاطفي مع سجيني الرأي محمد عبدالقادر الجاسم وخالد الفضالة لم يأت من فراغ، لأنني مررت بهذه التجربة القاسية من السجن والظلم الذي تبدد على صخرة القضاء الذي أمر بإطلاق صراحي"، مؤكداً أن الفضالة وحد الكويت وراءه، وعصف بآمال من يريدون أن يحارب أهل الكويت بعضهم بعضا، وينقسمون إلى سنة وشيعة وبدو وحضر. واعتبر الخرافي أن "الحرامية والمفسدين وسراق المال العام يريدون الفتن، ولكن أهل الكويت أقوى وعلى يقين بهذا المخطط المدروس"، مشدداً على ضرورة تضافر أبناء الشعب الكويتي لإسقاط هذا المخطط وإفشاله.

مخاصمة القضاء

من جانبه، شدد عضو مجلس الأمة د. حسن جوهر على ضرورة التصدي للمحاولات البائسة التي يقوم بها البعض لإقحام القضاء في الخلاف السياسي، مشيراً إلى أن القضاء هو ملاذنا الأول والأخير، وسلطة دستورية نحترمها جميعاً، وكيان مستقل نقدر كل من يعمل به.

وأكد جوهر أن الفضالة سجل بأحرف من نور ما عجزت قوى الشر أن ترغمنا على فعله، وهو ضرب الوحدة الوطنية، مشيراً إلى أن البعض من ضعاف النفوس يحاول تخريب البلد وتمزيق النسيج الاجتماعي وإبراز ان القبائل هم المعارض الأكبر للحكومة، لكن خالد حطم هذا المخطط، محذراً من السير وراء هذا التوجه.

اعتذار للحريات

وقال أستاذ القانون في جامعة الكويت د. عبيد الوسمي: "أعتذر للحريات التي أسيء فهمها في الكويت، بعد مرور أكثر من 40 عاما من العمل بالدستور والحياة الديمقراطية"، مشيراً إلى أن الشيخ ناصر المحمد مواطن يحميه القانون كما يحمي أي مواطن آخر، ويصون حريته وكرامته، لكن الحرية ليست انتقائية ويجب تطبيقها على الجميع دون استثناء. واعتبر الوسمي أنه "من الطبيعي في كل المجتمعات الديمقراطية أن تكون هناك حرية رأي، ولكن من غير الطبيعي أن تنتزع هذه الحرية تحت أي مسمى، مشيراً إلى أن القضاء الدستوري في بعض الدول عرف نقد الشخصيات العامة بأنه الحد الذي قد تصل فيه عبارات النقد إلى حد التجريح الشخصي، والمذكرة التفصيلية للدستور الكويتي أخذت بنفس تلك العبارات.

من جانبه، قال النائب السابق محمد العبد الجادر: "كنا نريد الوقوف وراء الفضالة، يجب الدفاع عن الدستور والقانون والحريات، مع كل الاحترام للقضاء وأحكامه، لاسيما أن أي انتقادات للسلطة القضائية يجب أن توجه إليها من داخل مجلس الأمة"، متمنياً "ألا يسمع من جديد عن سجناء رأي في الكويت، وأن يتم الإفراج عن الفضالة".

الفكر... والسجن

بدوره، أكد عضو مجلس الأمة عبدالرحمن العنجري خطأ كل من يعتقد أن الكويت تعيش الديمقراطية الحقانية، مشيراً إلى أن الديمقراطية ليست صناديق اقتراع أو انتخابات مجلس امة فحسب، بل إن قمة الديمقراطية هي انتخاب أعضاء السلطة التنفيذية، مخاطباً رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ ناصر المحمد أن الكويت تعيش في عام 2010 لا في ستينيات او سبعينيات القرن الماضي، ويجب تغيير المدرسة القديمة للحكم، مستغرباً أن العالم كله يتغير وسموه لم يتسع صدره لبعض النقد.

وشدد العنجري على ضرورة عدم إقحام القضاء في أي صراع سياسي، مشيراً إلى أن الفكر يواجه بالفكر، والحجة تقابلها الحجة، لا بقمع الحريات والسجن، مؤكداً أن شهادته في أمين عام التحالف الوطني خالد الفضالة مجروحة، لأنه شاب وطني واعد.

أما عضو مجلس الأمة د. فيصل المسلم فقال: "إن خالد الفضالة بطل في وقت كثر فيه الجبناء وأتباع المصالح المادية وأنصاف الرجال، الفضالة حر، آل ألا يبيع وطنه وضحى بحريته".

وأضاف: "أعلناها مدوية: مهما تفعلون بنا فلم تمت ولن تموت الكويت، ونحن واقفون لكم بالمرصاد حتى وإن حاولتم اقصاءنا واحدا تلو الآخر، ونحن لم نأت هنا لفرد بل لشخص يمثل كل أهل الكويت، أتينا لأجل بلد سلبت حرياته وبددت كرامة شعبه، وأتينا لأجل تغيير نهج، لأنه بغير التغيير سيستمر الأمر كما كان".

الخطيب: يجب الحذر من جر القضاء

إلى المهاترات

أكد الدكتور أحمد الخطيب أن "ما حدث مع خالد الفضالة هو ملخص لما تعيشه الكويت هذه الأيام من ترد للأوضاع على الصعد كافة".

وحذر في كلمة ألقاها نيابة عنه النائب السابق محمد العبدالجادر من "أن تتحول قضية اعتقال الفضالة إلى معركة مع السلطة القضائية أو يُجَر القضاء إلى مثل هذه المهاترات".

مقر التحالف... واعتقال الأحرار

خلال مداخلة لأستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت د.غانم النجار تساءل: لماذا سلم خالد الفضالة نفسه لقوات الأمن من أمام مقر التحالف الوطني الديمقراطي الكائن في منطقة النزهة؟ مجيباً بسرد القصة التالية بصفته كان شاهد عيان على حدوثها، قائلاً: "إن القوى الوطنية كانت تتخذ من هذا المبنى مقرا لها، لمقاومة الاحتلال الصدامي الغاشم على البلاد، وفي إحدى الليالي منذ 20 عاما تقريباً خلال تجمع الوطنيين في هذا المبنى بقيادة يوسف المشاري، الذي كان موجودا في نيس ودخل الكويت حينذاك لقيادة المقاومة الكويتية، وعبدالوهاب المزيني الذي جاء من المملكة العربية السعودية للمرة الثانية للانضمام إلى المقاومة وبقية المجموعة الوطنية، داهمتنا القوات العراقية، ولكنه تمكن من الفرار مع كل من محمد البدر ومحمد القديري، أما باقي المجموعة فتم اعتقالها، مستغرباً أنه بعد 20 عاما يتم اعتقال واحد من الوطنيين الاحرار في نفس المكان؟!!".